المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

433

لكلّ قيد يرفضه ارتكاز العقلاء، ومنها قيد الحسّ في مقابل ما يقرب من الحسّ.

وأمّا ما يكون مفاده مخصوصاً بالقسم الأول فكما ورد عن علي بن غياث أو علي ابن غراب عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «لا تشهدَنَّ بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفّك»(1). والسند غير تام، وكما رواه المحقّق مرسلاً عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنّه قال _ وقد سئل عن الشهادة _: «هل ترى الشمس؟ على مثلها فأشهدْ أو دَعْ»(2). فبناءً على اختصاص المفاد اللفظي لذلك بالشهادة الحسّية نتعدّى إلى الشهادة القائمة على أساس ما يقرب من الحسّ ببركة عدم احتمال العرفِ الفرقَ، فإنّ عدم احتمال الفرق يكوّن للدليل دلالة التزاميّة عرفيّة على المقصود، وبهذا البيان يتمّ أيضاً الاستدلال بمثل قوله (صلى الله عليه و آله): «إنما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان» حتى ولو غضّ النظر عن فرض الإطلاق المقامي، فإنّ عدم الإطلاق لا يجعله أتعس حالاً من نصٍّ كان مفاده خاصّاً بالقسم الأول.

وإن شئت فقل: إنّ النكتة التي جعلتنا نؤمن بحجّية لوازم الأمارة التي لم يكن مدلولها المطابقي موضوعاً للحجّية لعدم ترتب أثر شرعي عليه، ولكنّ لازمه كان ذا أثر شرعي؛ نفس تلك النكتة تجعلنا نؤمن بحجّية البيّنة التي ليست هي بلحاظ مصبّ الأثر القضائي بيّنةً عن حسّ، لكن هي بلحاظ ما لا ينفكّ عن مصبّ الأثر القضائي _ ويلازمه عادةً _ كالتواتر المخبِر عن الواقعة المشهود بها بيّنة عن حسّ.

ويشهد لنفوذ البيّنة التي انصبّ علمها الحسّي على ما يلازم المقصود في باب القضاء لا على نفس المقصود ما رواه الشيخ بسنده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص250، الباب 20 من الشهادات، ح1.

(2) نفس المصدر، ص251، ح3.