المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

432

كالتواتر، فسمعه _ مثلاً الذي هو إحدى حواسّه _ لم يقع مباشرةً على ما يشهد به، وإنّما وقع على التواتر القائم على ما يشهد به، والتواتر موجب للعلم لعامّة الناس.

والثالث _ العلم غير الحسّي وغير ما يقرب من الحسّ: وأقصد بذلك ما لو كان هناك وسيط بينه وبين علمه بالواقعة غير الحسّ وغير ما يوجب العلم لعامّة الناس، كما يتّفق كثيراً لإنسانٍ ما يحصل له العلم بشيء على أساس قرائن لو عرضت على إنسان آخر ربّما لا توجب له العلم.

والرابع _ الدليل التعبّدي من أمارة أو أصل كما لو ثبتت له مالكيّة المدّعي لمالٍ باليد أو بالاستصحاب.

ولا شكّ في جواز الشهادة ونفوذها في القسم الأول، وهو الشهادة عن الحسّ، فإنّه القدر المتيقن من الأقسام في النفوذ بلا إشكال.

الشهادة بما يقرب من الحسّ

وأمّا القسم الثاني وهو الشهادة عمّا يقرب من الحسّ كالشهادة على أساس التواتر ونحوه فهو ملحق بالقسم الأول؛ لأنّ الأدّلة اللفظية الدالّة على نفوذ القسم الأول تدل على نفوذ هذا القسم أيضاً حتى ولو لم يتمّ فيها الإطلاق اللفظي، أو كان مفاد لفظها مخصوصاً بالقسم الأول:

أمّا ما لا يتم فيه الإطلاق اللفظي فكقوله (صلى الله عليه و آله): «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»(1) حيث إنّه بصدد حصر مقياس القضاء بالبيّنة واليمين، أمّا أنّه متى يعمل بالبيّنة؟ ومتى يعمل باليمين؟ فليس بصدده. ولكن رغم هذا نعتقد دلالته على نفوذ الشهادة القائمة على أساس ما يقرب من الحسّ، وذلك باعتبار الإطلاق المقامي الرافض


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص169، الباب 2 من كيفيّة الحكم، ح1.