المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

424

ولا أراني بحاجة إلى توضيح ضعف هذه الوجوه.

وقد وقع في كلمات الأصحاب تشويش آخر في ما يشتمل على حقّ اللّه وحقّ الناس معاً كالسرقة، فهل تنفذ فيه الشهادة التبرّعية لكونه حقاً للّه ولم يثبت بالإجماع أكثر من استثناء ما كان حقّاً آدميّاً محضاً، أو لا تنفذ لكونه حقّاً للناس، أو تنفذ بالنسبة لحقّ اللّه، ولا تنفذ بالنسبة لحقّ الناس، فتقطع يد السارق من دون أن يغرم، أو غير ذلك ممّا جاء نقله في الجواهر؟(1)

أقول: إنّ أصل التفصيل بين حقّ اللّه وحقّ الناس لم يعرف له وجه معقول ما دمنا نفسّر التبرّع في الشهادة بعدم طلب الحاكم.

ولكن من المحتمل أن يكون مقصود الأصحاب من التبرّع هو ما أبدى احتماله في الجواهر(2) في ثنايا الكلام بعنوان (قد يقال) ومن دون تركيز عليه، وهو الشهادة من دون إذن من له الحقّ كالمدّعي الذي عليه البيّنة، وهذا الاحتمال وارد بشأن كلّ من لم يصرّح بأنّ مقصوده من التبرّع هو الشهادة قبل طلب الحاكم، بل لعلّه يرد حتى بالنسبة لمن صرّح بذلك، باعتبار أنّ طلب المدّعي من الشهود لأداء الشهادة يكون عادةً عن طريق الحاكم؛ أي أنّ الحاكم يطلب من الشهود بناءً على رغبة المدّعي أداء الشهادة، فأخذ عنوان طلب الحاكم استطراقاً إلى ثبوت طلب المدّعي. وعلى أيّ حال لو بنينا على هذا الاحتمال ارتفع الاستغراب، فإنّ الوجه في التفصيل بين حقّ الفرد وحقّ اللّه أو الحقوق العامّة أحد أمرين:

إمّا التمسّك بمسألة التهمة؛ حيث يُقال: إنّ عدم انتظار طلب المدّعي موجب


(1) ج41، ص108 _ 109.

(2) ج41، ص105.