المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

419

على أنّ النظر فيه إلى مسألة وجوب نصرة المظلوم، إذا انحصر انتصاره بشهادة هذا الشخص، تعيّن ما أفتى به الصدوق (رحمه الله) من أنّه إذا انحصرت الشهادة به، فعلم أنّ صاحب الحقّ مظلوم ولا يحيى حقّه إلا بشهادته، وجبت عليه إقامتها، ولم يحلّ له كتمانها(1). ويؤيّد هذا التفسير للاستثناء الوارد في حديث العلا عن محمد بن مسلم احتمال كون كلا حديثيه المتعارضين، أو هما مع الحديث الأول حديثاً واحداً جاء الفرق فيما بينها من تقطيع الرواة، والنقل بالمعنى.

هذا وقد ورد حديث محمد بن مسلم في الرجل يشهد حساب الرجلين بسند آخر، وليس فيه ذكر التخيير بين الشهادة وعدم الشهادة، بل قال: «يشهد»(2).

وقد حمل الصدوق (رحمه الله) الحديث الذي حكم بالتخيير بالنسبة لمن حضر صدفةً من دون إشهاد، على ما إذا لم تنحصر الشهادة به، ولم يتوقَّف إنقاذ الحقّ على شهادته(3).

وهذا الحمل وإن كان _ لولا الشاهد _ حملاً تبرّعيّاً؛ إذ إنّ الرواية الأخيرة تعارض ما دلّ على عدم وجوب أداء الشهادة بالتباين، ولا معنى لحملها على فرض معيّن وحمل معارضها على الفرض الآخر، ولكنّ الرواية المفصّلة _ أعنى المشتملة على ما مضى من الاستثناء _ قد تصلح شاهد جمع بين الروايتين المتعارضتين.

وعلى أيّ حال فهذه الرواية _ لو لم يتمّ الجمع بهذا الوجه _ لا تصلح لمعارضة ما دلّ على عدم وجوب أداء الشهادة، فقوله في هذه الرواية: «يشهد» إمّا أن يُحمل على الحكم الوضعي، وهو نفوذ الشهادة، وعندئذٍ لا تعارض بينه وبين ما دلّ على


(1) الفقيه، ج3، ص34، في ذيل الحديث 109.

(2) الفقيه، ج3، ص33، ح 108؛ وسائل الشيعة، ج18، الباب 5 من الشهادات، ح7.

(3) الفقيه، ج3، ص34، في ذيل الحديث 109.