المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

418

أنّ معرفة الحقّ في الشهادة لا تلازم معرفة الظالم من المظلوم، فقد يعرف الشاهد أنّ زيداً قتل عمراً مثلاً ولا يعرف مع ذلك أنّ عمراً مثلاً مظلوم، فلعلّه قتله بحقّ، فإذا كان الشاهد اطّلع على واقعة صدفةً ومن دون طلب منه لتحمّل الشهادة، لا يجب عليه أداء الشهادة حينما يطلب منه الأداء، إلا إذا عرف الظالم من المظلوم، فيكون هذا تقييداً لإطلاق حديث هشام بن سالم الماضي الخالي عن هذا الاستثناء.

إلا أنّ هذا التفسير للاستثناء الوارد في حديث العلا عن محمد بن مسلم يعارض ما ورد من نفس العلا عن محمد بن مسلم _ بسند تام _ عن أبي جعفر (عليه السلام) في الرجل يشهد حساب الرجلين، ثم يُدعى إلى الشهادة. قال: «إن شاء شهد، وإن شاء لم يشهد»(1). فإنّ المتبادر إلى الذهن من قوله: «يشهد حساب الرجلين» هو شهادة كامل القصّة بحيث يعرف الحقّ من غير الحقّ، وورد مضمونه بتعبير آخر عن العلا عن محمد بن مسلم بسند ضعيف بمحمد بن عبداللّه بن هلال(2).

وعلى أيّ حال فإذا فرض أنّ حديث العلا عن محمد بن مسلم المشتمل على جملة «يشهد حساب الرجلين» غير حديثه المشتمل على جملة «إلا إذا علم مَن الظالم»، وتعارضا وتساقطا، رجعنا إلى إطلاق حديث هشام بن سالم(3)، بل وكذا إطلاق حديث محمد بن مسلم الذي نقلناه أوّلاً لو فرض حديثاً مستقلّاً لمحمد بن مسلم غير متّحد مع ما فيه الاستثناء.

أمّا إذا جمعنا بينهما بما يقرب إلى الذهن من استثناء فرض العلم بالظالم من حمله


(1) نفس المصدر، ص232، ح6.

(2) نفس المصدر، ح5.

(3) هذا بناءً على المسلك المعروف من مرجعيّة المطلق أو العامّ لدى ابتلاء المقيّد أو المخصّص بالمعارض.