المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

358

وأمّا تقديم بيّنة التزكية فلما قد يقال من أنّ الأصل هو الفسق، فبيّنة التزكية هي التي تشهد بأمر إضافي وجديد.

ولو سلّم أنّ الأصل هو الفسق _ ولو بأن يقصد بالفسق عدم العدالة _ فلا نسلّم أنّ مجرد كون بيّنة التزكية خلاف الأصل _ وشاهداً لأمر جديد وإضافي _ موجباً لتقدُّمها.

وأمّا تقديم بيّنة الجرح فيمكن الاستدلال عليه بوجهين:

الأول _ ما ورد عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبداللّه (عليه السلام): «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مرضيان، وشهد له ألفٌ بالبراءة، يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الألف؛ لأنّه دين مكتوم»(1). فيُقال: إنّ مقتضى عموم التعليل بالمكتوميّة التعدّي من الزندقة إلى الفسق، فإنّ الفسق كثيراً ما يكتم، ويوجب كتمانه تخيّل العدالة.

ولكن لا يخفى أنّ التعليل كان بأنّه دين مكتوم، واحتمال الفرق بين الدين والفسق موجود بأن يفترض أنّ الشريعة تتسامح في جانب الفسق بما لا تتسامح في جانب الدين.

على أنّ الحديث ساقط سنداً.

الثاني _ ما قد يُقال من أنّ بيّنه العدالة قد تعتمد على حسن الظاهر الذي هو أمارة العدالة، وبيّنة الجرح تشهد بما خفي على بيّنة العدالة.

وقد يُورد عليه بأنّ من المحتمل العكس أيضاً؛ بان تكون بيّنة العدالة قد اعتمدت على أمر إضافي لم تطّلع عليه بيّنة الجرح، كما لو كانت بيّنة الجرح مطّلعة


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص303، الباب 51 من الشهادات، ح1.