هذا، وذكر السيد الخوئي(1): أنّ بعض الروايات تدل على عدم اعتبار العدالة في الشاهد، ونفوذ شهادة المسلم وإن كان فاسقاً، من قبيل ما عن حريز _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في أربعةٍ شهدوا على رجل محصن بالزنا، فعدِّل منهم اثنان، ولم يُعدَّل الآخران، فقال: «إذا كانوا أربعةً من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور، أُجيزت شهادتهم جميعاً، وأُقيم الحدّ على الذي شهدوا عليه، إنّما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا، وعلى الولي أن يجيز شهادتهم، إلا أن يكونوا معروفين بالفسق»(2) وما عن علا بن سيابة _ بسند تام _ قال «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن شهادة من يلعب بالحمام، فقال: لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق»(3).
وردّ هذه الروايات: أوّلاً _ بالشذوذ، وعدم قابليّتها لمعارضة الروايات المشهورة المعروفة الدالّة على شرط العدالة.
وثانياً _ بأنها مطلقة تقيّد بالروايات السابقة.
أقول: إنّ ما في عنوان المعرفة من الطريقيّة يمنع عن ظهور هذه الأحاديث في عدم مانعية الفسق، ويجعلها ظاهرةً في إرادة أنّ الفسق لا يثبت إلا بالمعرفة، وأنّ الأصل عند الشكّ هو العدالة. إذاً فهذه الأحاديث لا تعارض روايات شرط العدالة، وإنّما تعارض روايات كون الأمارة على العدالة هي حسن الظاهر؛ حيث إنّ هذه الروايات تفترض أنّ مجرد عدم ظهور الفسق أمارة على العدالة، وتحمل _ بالجمع بواسطة التقييد _ على أنّ المراد هو عدم ظهور الفسق فيما بين معاشريه، كجيرانه
(1) في تكملة المنهاج، ج1، ص89 _ 90.
(2) وسائل الشيعة، ج18، ص293، الباب 41 من الشهادات، ح18.
(3) نفس المصدر، ص291، الباب 41 من الشهادات، ح6، وص305، الباب 54 من الشهادات، ح1 و3. والسند الموجود في المورد الأول وفي الحديث 3 من المورد الثاني، هو التامّ دون السند الآخر.