المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

348

يتّفق معك آخر، وتحكم في الدماء والفروج والأموال برأيك!! فلم يُحِرْ أبوحنيفة جواباً غير أن نظر إلى أصحابه فقال: مسألة رافضي» وعلى أيّ حال فالآية الثالثة خارجة عن المقام، والآية الأُولى خاصّة بباب الطلاق، فقد تصعب استفادة القاعدة العامّة منها باشتراط العدالة في الشاهد دائماً، والآية الثانية خاصّة بباب الوصيّة، فأيضاً قد تصعب استفادة القاعدة العامّة منها، وإن كان السيد الخوئي استفاد منها القاعدة العامّة بنكتة بناء الوصيّة على التوسعة، فتقبل فيها شهادة المرأة، وشهادة غير المسلم إذا لم يوجد مسلم. وقال: «وكيف يمكن الالتزام بعدم ثبوت الوصيّة بشهادة رجلين غير عدلين. وثبوت الزواج والقتل ودعوى المال وما شاكل ذلك بشهادتهما؟!»(1).

وعلى أيّ حال فهذا هو حال الآيات في المقام، وأحسنها حالاً _ كما رأيت _ هي آية الوصيّة.

وأمّا آية الدَين _ وفيها: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتٰانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ﴾(2)_ فكون الشهيد مرْضيّاً لا يدل على شرط العدالة بقدر ما يدل على شرط الوثاقة.

وأمّا الروايات: فقد دلّت جملة منها على مانعيّة الفسق، كما ورد _ بسند تام _ عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا آخُذُ بقول عرّاف ولا قائف ولا لصّ، ولا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه»(3). إلا أنّ ما يدل


(1) مباني تكملة المنهاج، ج1، ص87.

(2) البقرة: 282.

(3) الفقيه، ج3، ص30، باب من يجب ردّ شهادته، ومن يجب قبول شهادته، ح36، وذيل الحديث ورد في وسائل الشيعة، ج18، ص290، الباب 41 من الشهادات، ح7.