هل هو عدم وجود شاهدين مسلمين عدلين، أو هو عدم شاهد مسلم على الإطلاق؟ فقد يُقال: إنّ مقتضى إطلاق قوله: «لم يوجد غيرهم» هو عدم وجود شاهد مسلم على الإطلاق، وليس الباب من قبيل ورود الكلام مورد حكم آخر المانع عن التمسك بإطلاقه بالنسبة للحكم المطلوب، كما في قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾(1) الوارد مورد حكم التذكية، فلا تستفاد من إطلاقه طهارة محلّ عضّ الكلب.
والصحيح في الجواب: أنّ مثل قوله: «لم يوجد غيرهم»، وكذلك قوله في حديث هشام بن الحكم: «ولا يوجد فيها مسلم» إن لم يكن بمناسبات الحكم والموضوع منصرفاً إلى إرادة فرض انتفاء البيّنة المسلمة الواجدة لجميع الشرائط، فلا أقلّ من الإجمال، ولا يكون ظاهراً في فرض انتفاء المسلم على الإطلاق، وذلك لأنّ هذه الروايات بصدد بيان بديل عن البيّنة الشرعيّة، فمقتضى مناسبات الحكم والموضوع هو حجّية البيّنة الكتابيّة أو الذمّية عند فقدان البيّنة المسلمة بكامل شرائطها.
نعم، لو كانت هذه الروايات بصدد إعطاء الحجّية لشهادة المسلم الفاقد للشرائط عند العجز عن البيّنة الجامعة للشرائط، فقد يُقال بأنّها تتقدّم على شهادة الكافرين؛ لأنّه أُخذ في موضوع نفوذ شهادتهما عدم وجود المسلم، وقد وجد، ولكن ما دامت هذه الروايات غير ناظرة أصلاً إلى نفوذ شهادة مسلمين غير عدلين، أو مسلم واحد عند العجز عن تحصيل مسلمين عدلين، فهي منصرفة بمناسبات الحكم والموضوع إلى فرض العجز عن تحصيل البيّنة بكامل شروطها، ولا أقلّ من الإجمال. ولعلّ هذا هو مقصود السيد الخوئي وإن قصرت عبارته.
(1) المائدة: 4.