إلا أنّ بعض روايات الباب غير واردة بشأن تفسير الآية، وقد يستظهر منها شرط عدم وجود المسلم إطلاقاً _ أيضاً _ من قبيل ما عن سماعة سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن شهادة أهل الذمّة، فقال: «لا تجوز إلا على أهل ملتهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصيّة؛ لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(1). فقد يُقال: إنّ ظاهر قوله: «فإن لم يوجد غيرهم» هو عدم وجود المسلمين إطلاقاً، ونحوه ما عن ضريس الكناسي قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شهادة أهل الملل هل تجوز على رجل مسلم من غير أهل ملّتهم؟ فقال: لا، إلا أن يوجد في تلك الحال غيرهم، وإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصيّة؛ لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ امرىء مسلم، ولا تبطل وصيّته»(2). على كلام في وثاقة ضريس مضى من أنّه لا دليل على وثاقته إلا بناءً على انصرافه إلى ضريس بن عبد الملك الكناسي الذي وردت وثاقته في رجال الكشّي.
وأجاب السيد الخوئي عن الروايات غير الواردة بشأن تفسير الآية بأنّها _ أيضاً _ لا تدل على اشتراط عدم وجود شاهدين غير عدلين، أو عدم وجود شاهد واحد؛ لأنّها إنّما تنظر إلى إلغاء اعتبار الإسلام في الشاهد في فرض العجز عن تحصيل الشهود المسلمين، وليس لها نظر إلى كفاية شهادة مسلم واحد أو مسلمين غير عدلين(3).
أقول: إنّ هذا الكلام غير مفهوم ما لم يرجع إلى ما سيأتي، فإنّ هذه الرويات ناظرة _ كما قال _ إلى إلغاء اعتبار الإسلام في الشاهد. وهذا حكم قد شككنا في موضوعه
(1) وسائل الشيعة، ج13، ص391، الباب 20 من أحكام الوصايا، ح5، وج18، ص287، الباب 40 من الشهادات، ح4.
(2) نفس المصدر، ص390، ح1.
(3) راجع مباني تكملة المنهاج، ج1، ص85.