المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

32

التعارض في أخبارنا، فلعلّ المناقشة بالإرسال كانت بهذه النكتة(1).

وهذا الجواب الثاني وإن كان قابلاً للمناقشة لكنّ الجواب الأول صحيح.

ويمكن تصحيح الجواب الثاني أيضاً بإرجاعه إلى القول بأنّ مفاد كلام الشيخ في كتابيه _ كقوله في باب العتق: «وأمّا ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (السائبة وغير السائبة سواء في العتق) فأوّل ما فيه أنّه مرسل، وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة»(2)_ ليس معارضاً لكلامه الذي جاء في العدة من أنّهم لا يروون، ولا يرسلون إلا عن ثقة؛ وذلك لأنّ من المحتمل أن يكون مقصوده بما في كتابيه أنّه لدى المعارضة يقدّم المسند على المرسل لا عدم حجية المرسل في ذاته، وهذا اجتهاد منه في مقام علاج التعارض؛ باعتبار أنّ عدم معروفية الساقط اسمه لنا يجعلنا نحتمل أنّنا لو عرفناه لرأيناه غير ثقة خلافاً لما بنى عليه ابن أبي عمير مثلاً، فكان هذا سبباً في رأي الشيخ الطوسي لتقديم المستند الذي عرفنا وثاقة كلّ رواته على ذاك المرسل، وهذا _ كما ترى _ لا يعارض ما في العدّة.

أضف إلى ذلك ما عرفته من عدم الملازمة بين الإيمان بأنّ هؤلاء الثلاثة لا يروون إلا عن ثقة _ أي عمّن يثقون به _ والتسوية، فلعلّ الشيخ استشكل في كتابيه في التسوية بين مراسيل هؤلاء الثلاثة ومسانيد غيرهم رغم إيمانه بأنّ الأصحاب سوّوا بينهما بنكتة أنّهم لا يروون إلا عن ثقة، وسيأتي إن شاء اللّه أنّ معنى كونهم لا يروون إلا عن ثقة أنّهم لا يروون إلا عمّن يؤمنون هم بوثاقته، فلا ينافي ذلك التوقّف في مراسيلهم باعتبار عدم معرفتنا بالشخص المحذوف، واحتمال وجود الجرح بشأنه.


(1) مشايخ الثقات، ص 31 _ 30.

(2) التهذيب، ج 8، باب العتق وأحكامه، ح 932؛ الاستبصار، ج 4، باب ولاء السائبة، ح 87.