المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

307

فقال: تجعل شهادته خيراً من هؤلاء»(1).

وأورد السيد الخوئي على الاستدلال بهذا الحديث(2) بأنّه رواية شاذّة مهجورة ومشتملة على ما هو مقطوع البطلان من عدم جواز شهادة المملوك في الكبير، فلا بُعد في ورودها مورد التقيّة، على أنّ متنها مجمل، فإنّ الكبر والصغر أمران متضايفان، وليس لهما واقع معلوم، فالشيء الواحد كبير بالإضافة إلى شيء، وصغير بالإضافة إلى شيءٍ آخر.

أقول: أمّا إجمال المتن فقد يقال: إنّ هذا إشارة إلى أمر عرفي؛ حيث إنّ العرف قد يعتمد على شهادة الصغير في الأمور الصغيرة بما لا يعتمد عليه في الأمور الكبيرة، وهذا يختلف باختلاف درجات سنّ هذا الصغير وذكائه وقابليّته للاعتماد عليه، ولعلّ هذا هو المقصود بقوله: «على قدرها يوم أُشهد».

نعم، يبقى شيء من الإجمال لعدم تعيين الصغر والكبر بالتحديد، لكنّ هذا حاله حال كثير من المفاهيم العرفيّة التي تبقى مجملة في بعض المصاديق. أمّا حمل الحديث على التقيّة بالنسبة للمملوك فلا يضرّ بحجّيته بالنسبة للصبي.

وأمّا قوله: إنّ الرواية شاذّة مهجورة، فإن كان إشارةً إلى اشتمالها على عدم قبول شهادة المملوك الذي جعله مقطوع البطلان، فقد عرفت أنّه مع افتراض الحمل على التقيّة لا يشكّل إشكالاً في المقام، وإن كان إشارةً إلى أنّ أصل قبول شهادة الصبي في الأمور الصغيرة مهجور عند الأصحاب، فهو لا يقول بكون الإعراض موجباً


(1) التهذيب ، ج 6 ، ص252، الباب 91، البيّنات ، ح 55 ، وهو الحديث 650 وفق تسلسل كلّ أحاديث هذا المجلّد. وقد جاء في وسائل الشيعة، صدر الحديث، في ج 18 ، ص253، الباب 22 من الشهادات ، ح 5، وذيله في نفس المجلّد، ص251، الباب 21 من الشهادات، ح3.

(2) في تكملة المنهاج ، ج 1 ، ص 78.