المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

304

الانصراف، أو بدعوى أنّ تلك الإطلاقات إنّما هي بصدد ذكر أصل الإشهاد والبيّنة، وليست بصدد بيان الشرائط المعتبرة في نفوذها(1).

وقد يقال: إنّ مجرد عدم تماميّة الإطلاق إذا كان من باب عدم كونه في مقام البيان لا يكفي لإثبات عدم نفوذ شهادة الصبي؛ بحيث تصل النوبة إلى يمين المنكر، بل نبقى متحيّرين بين كون الوظيفة هي قبول شهادة الصبى، أو سماع يمين المنكر.

وقد يُجاب على ذلك: بأنّ استصحاب عدم جعل الحجّية لهذه الشهادة ينقّح موضوع اليمين؛ لأنّ يمين المنكر أُخذ في موضوعه عدم إقامة المدّعي البيّنة الحجّة؛ بناءً على أنّ الموضوع القاطع لليمين هو البيّنة بما هي حجّة، لا ذات البيّنة التي تكون حجّةً.

الوجه الثاني _ هو التمسّك بقوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَاِمْرَأَتٰانِ﴾(2) فإنّ كلمة الرجل لا تشمل الصبى.

الوجه الثالث _ ما دلّ على اشتراط العدالة في الشاهد كقوله تعالى: ﴿شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اِثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾(3)وقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾(4).

وذلك بدعوى أنّ العدالة لا تتصوّر في الصبي؛ إذ العدالة بمعنى الاستقامة في الطريق فيما بين الخطوط المنحرفة، بينما لا انحراف بشأن الصبى، وكلّ التصرّفات مباحة له، فما معنى استقامته في الطريق؟!

ولكن بالإمكان أن يدّعى أنّ المفهوم عرفاً من شرط العدالة هو النظر إلى ما تعطيه


(1) الجواهر، ج 41، ص 10.

(2) البقرة: 282.

(3) المائدة: 106.

(4) الطلاق: 2.