المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

30

ما يصحّ عن جماعة بحاجة إلى مبرّر، وتبرير ذلك بأنّه :«لو كانت هذه التسوية صحيحة وأمراً معروفاً متسالماً عليه بين الأصحاب لذكرت في كلام أحد من القدماء، بينما لا يوجد عين ولا أثر من ذلك» قد أورد عليه الشيخ عرفانيان في كتابه «مشايخ الثقات» بأنّه ما أكثر كتب الأصحاب التي تلفت، ولم تصل بأيدينا؛ فلعلّ هذا كان مذكوراً في الكتب التالفة(1).

أقول: لئن فرضت صحّة استبعاد وجود تسوية من هذا القبيل من قبل الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم من دون أن نجد عيناً ولا أثراً فيما وصل بأيدينا من كتبهم رغم ترقّب ذكر ذلك في كتب الفقه والأصول والرجال، وقد وصلنا من مجموع الأصناف الثلاثة من الكتب عدد معتدٌّ به، لئن فرضت صحّة استبعاد ذلك بالنسبة لنقل التسوية، فمن الواضح عدم صحّته بالنسبة لإخبار الشيخ (رحمه الله) عن أنّهم عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمّن يوثق به.

والحاصل أنّه قد جاء في كلمات الشيخ التي نقلناها تعبيران: أحدهما التعبير بالتسوية بين مراسيل هؤلاء والمسانيد، والآخر التعبير بأنّهم عرفوا بعدم النقل عن غير الثقات، فلئن شككنا في الأول فالتشكيك في الثاني أوضح بطلاناً؛ لأنّ معروفيّة عدم نقلهم عن غير الثقات إنّما يترقّب ذكرها في كتب الرجال فحسب سنخ التوثيق والتضعيف، أي لا استغراب في عدم ذكر ذلك في كتب الفقه والأصول، وكتب الرجال الواصلة بأيدينا ليست في الكثرة بمثابة نستبعد معها عدم وصول ذلك إلينا عن غير كتاب العدّة، فلعلّ هذا من سنخ الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن جماعة الذي انحصر مدركه الأصلي لدينا في نقل الكشّي، أو سنخ ما جاء في عدّة


(1) مشايخ الثقات، ص 13.