المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

299

المنكر بعيداً عن باب القضاء.

وهذه التعبيرات الثلاثة _ كما قلنا _ غير دقيقة.

وهناك تعبير آخر دقيق وفي نفس الوقت قريب إلى الفهم، وهو أنّ القضاء عرفاً يعني إدانة المدّعي أو المنكر، أو تبرئته، فمتى ما كان الباب باب الوقاية ودفع الظلم من دون اشتماله على الإدانة أو التبرئة، لم تثبت فيه أحكام المدّعي والمنكر.

والأساس الذي يعتمد عليه القاضي في مثل هذا المورد إنّما هو إعمال ولاية الفقيه، وقانون النهي عن المنكر لو كان لدليله إطلاق لمثل ذلك، وقانون تقديم المحتمل الأهمّ عندما كانت أهمّيته إلى مستوى نعلم برضا الشارع بتقديمه على المعلوم غير الأهمّ.

فقد يحكم القاضي بوصفه وليّاً أو وكيلاً عن الولي _ لو كانت وكالته شاملةً لمثل المورد _ بتجريد من يُخاف منه القتل عن السلاح، خلافاً لقانون تسلّط الناس على أموالهم، رغم أنّه ليس من المقطوع به إرادته لهذه الجريمة، وذلك لأهميّة المحتمل، وقد يحكم بتطويقه حينما حصل له العلم بأنّه يريد الظلم والضرب منعاً له عن المنكر وحفظاً للأمن، وليس هذا مشمولاً لما مضى من عدم نفوذ علم القاضي عن حدس.

بل قد يقال في موارد القضاء أيضاً: أنّ من حقّ ولي الأمر العمل بعلمه الحدسي، لا في أخذ الحقّ ممن عليه الحقّ لِذي الحقّ، بل في تعزيره الذي هو راجع إلى حقّ اللّه.

بل قد يقال أيضاً في موارد القضاء: إنّ من حقّ ولي الأمر إعمال الولاية بأخذ الحقّ بالقهر والغلبة ممّن علم عن حدس أنّ عليه الحقّ، وإعطائه لمن علم أنّ له الحقّ، لا بالحكم كي يخالف عدم نفوذ علم القاضي، بل بالفعل والعمل بلا حكم. والأثر العملي للفرق بين هذا وبين الحكم، أنّه لو حكم ثم حسم النزاع لا يجوز للمحكوم عليه أن يخاصمه مرةً أُخرى لو أمكنه ذلك ولو قطع بأنّه على حقّ، بينما