المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

298

فمعنى المدّعي والمنكر في باب القضاء هو من يدّعي حقّاً أو عيناً على أحد، ومن ينكره عن نفسه، أمّا لو ادّعى مثلاً أنّ فلاناً ساكن في بيتي وذاك يعترف أنّ هذا بيته، ولكنّه ينكر كونه ساكناً في بيته، وكانت دعوى الأول لا بروح مطالبة الثاني بأُجرة مدّة سكنه في البيت؛ كي يرجع الأمر إلى دعوى حقّ عليه ينكره، بل بروح إخراجه من الآن فصاعداً من البيت، فهذا ليس بابه باب القضاء المتعارف الذي يحكم فيه بأنّ القضاء يكون بالبيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر، ولو ادّعى مثلاً أنّ فلاناً يريد قتلي أو ضربي، والآخر أنكر ذلك، فهذا ليس بابه باب القضاء ليحكم فيه بالبيّنات والأيمان، وإنّما هذا بابه باب دفع الظلم ودفع المنكر وحفظ الأمن، وما شابه ذلك من التعابير، وهذا ما يقوم به الحاكم بوصفه وليّاً للأمر، أو وكيلاً عنه إن كانت وكالته شاملةً لأمور من هذا القبيل لا بوصفه قاضياً، فإنّ معنى القضاء عرفاً لا يشمل هذا المورد.

وإن شئت فعبّر عمّا ذكرناه بأحد التعبيرات الآتية التي لعلّها أقرب إلى الفهم، وإن كانت هي غير دقيقة وقابلة للنقوض، والتعبير الدقيق هو ما ذكرناه:

1_ أن يقال: إنّه متى ما كان النزاع في رفع الظلم فهذا بابه باب القضاء، ويكون مشمولاً لقوانين المدّعي والمنكر، ومتى ما كان النزاع في دفع الظلم فهذا بابه باب النهي عن المنكر من دون أيّ ارتباط بباب القضاء.

2_ أن يقال: إنّه متى ما كان النزاع في تدارك حق أُهدر فهذا بابه باب القضاء، ومتى ما كان النزاع في إهدار حقّ فهذا بابه باب النهي عن المنكر أجنبيّاً عن باب القضاء.

3_ أن يقال: إنّه متى ما كان النزاع راجعاً إلى الماضي فهذا بابه باب القضاء، ومتى ما كان راجعاً إلى المستقبل فهذا بابه باب دفع المفسدة والظلم والنهي عن