المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

295

السيرة العقلائيّة على حجّية خبر الثقة كي يقال بشمولها للموضوعات، ويعتمد عليها ابتداءً بسبب عدم الردع، أو يستعان بها لتتميم بعض الإطلاقات للدلالة على حجّية خبر الواحد في الموضوعات، ونقول: إنّ السيرة على حجّية خبر الواحد إنّما هي متشرّعيّة، والمتيقّن منها باب الأحكام وما يلحق به كوثاقة الراوي للحكم، أمّا الموضوعات بشكل مطلق فلا.

نعم، لو علم العبد أنّ المولى أرسل فلاناً لإيصاله أمراً أو نهياً إليه، وشكّ في أنّه هل كلّ ما نقله إليه من المولى صحيح أو فيه ما هو صحيح وفيه ما هو خطأ، فقد يكون نفس إرسال المولى إيّاه قرينةً على اعتماد المولى على نقله وإعطائه للحجّية للكلام _ سواء ثبتت وثاقته عند العبد أو لا _ وهذا غير فرض قيام السيرة على حجّية خبر الثقة.

هذا، ونحن في إنكارنا للسيرة لا نقيم برهاناً على ذلك، كما أن المدّعين لها لم يقيموا برهاناً عليها؛ لأنّ فرض السيرة وعدمها ليس من الأمور القابلة للبرهنة عليها.

اجتماع الدعوى والإنكار

الأمر الثالث _ ذكر المحقّق العراقي(رحمه الله) في قضائه: أنّ صاحب الجواهر(رحمه الله) وقع في تناقض، حيث اختار في مسألة الخلاف في مقدار الأُجرة أنّ كلّاً ممن يدّعي الإيجار بالثمن الزائد أو الناقص مدّعٍ ومنكر، بينما اختار في تداعي من بيدهما العين الملكيّة أنّ كلّاً منهما مدّعٍ، ولا يصدق على أحدهما المنكر؛ لأنّ اليدين متساقطتان، وهذان الرأيان متهافتان؛ لأنّه إن فرض أنّ المقياس هو الحجّية الفعليّة فأصالة عدم الإيجار بالزائد مع أصالة عدم الإيجار بالناقص في المسألة الأُولى أيضاً متساقطتان، فالمفروض أن يكونا في المسألة الأُولى أيضاً مدّعيين فقط، وإن فرض أنّ المقياس هو