المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

293

وأمّا القاعدة الميرزائيّة بتفسيرها الثاني _ وهي دعوى: أنّه وإن فرض فقد نكتة القرينيّة عند الانفصال، ولكنّ جعل ما كان قرينةً عند الاتصال قرينة عند الانفصال أولى عرفاً من جعل ما لم يكن قرينة عند الاتصال قرينة عند الانفصال _ فهذا الوجه مورده _ كما ترى _ فرض الدوران بين قرينيّة هذا وقرينيّة ذاك، وهذا فرضه فرض التعارض بين النصّين، بينما أشرنا إلى أنّه لا تعارض في ما بين النصوص في المقام.

وأمّا القاعدة الميرزائيّة بتفسيرها الأوّل، _ وهي دعوى: أنّ نكتة القرينيّة في حال الاتّصال دائماً تنحفظ في حال الانفصال _ فهذه أيضاً لو تمّت لا تنطبق على ما نحن فيه، وذلك لأنّ نكتة القرينيّة التي تكسر الظهور المعارض عند الاتّصال من المعقول أن تكسر الحجّية عند الانفصال رغم انحفاظ الظهور، فيكون الظهور الآخر هو الحجّة، ولكن التي تخلق ظهوراً ثالثاً بالاتّصال هل يمكن أن تخلق الحجّية عند الانفصال رغم عدم الظهور؟ كلّا. وما نحن فيه من هذا القبيل؛ لِما عرفت من عدم وجود أيّ معارضة بين الروايات، فلا توجد قرينة تكسر ظهوراً عن الحجّية.

نعم، لو كان بعضها متّصلاً بالبعض لخُلق ظهور في إرادة القاعدة العامّة وهي عدم حجّية خبر الواحد في الموضوعات بما هي كذلك، لكن بسبب الانفصال لم يخلق ظهور من هذا القبيل، فما هو المبرّر لافتراض حجّية ظهور معلَّقٍ تحقُّقُه على الاتّصال؟!

نعم، يبقى أن يدّعي مدّعٍ _ بلا حاجة إلى التحليلات التي عرضناها للقاعدة الميرزائيّة _: أنّ الظهور التقديري المعلّق على اتّصال النصوص بعضها ببعض حجّة رغم عدم فعليّته بسبب الانفصال، وهذه الدعوى بالإمكان رفضها أو قبولها من دون نظر إلى التحليلات الماضية للقاعدة الميرزائيّة، والصحيح رفض هذه الدعوى.

وعليه فقد اتّضح أنّه لا يمكن أن نستظهر في المقام ردعاً للسيرة العقلائية بشكل