المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

291

القرينيّة على المحاضرة الأُولى عند الاتّصال تبقى على قرينيّتها عند الانفصال، فهذا الانفصال وإن كان انفصالاً بحسب عمود الزمان لكنّه لا يعتبر انفصالاً في عالم اللّغة، وهو أشبه شيء بما لو تكلّم المتكلّم بالعام ثم أُغمي عليه ساعات، وبعد أن أفاق أتى بالخاص، أفهل يفترض عندما انقطع كلامه بالإغماء أنّ ظهور كلامه قد استقر؟! طبعاً لا. وهكذا حال هذا المدرّس، وكذلك حال الشريعة الإسلامية.

إلا أنّ هذا الوجه ان قصد به دعوى عدم انعقاد الظهور ما لم نُحطْ بكلّ المنفصلات المحتمل قرينيّتها، _ وقد لا نستطيع أن نحيط بذلك لاحتمال تلف كثير من النصوص _ فلا أظنّ أحداً يلتزم بهذه النتيجة، ولم يصل ديدن الشريعة على فصل المتّصلات إلى مستوىً نقول فيه بعدم استقرار الظهور عند انتهاء الكلام لاحتمال مجى‏ء قرينة منفصلة.

وإن قصد به _ بعد الاعتراف بأن ديدن الشريعة على فصل المتصلات لم يبلغ مستوى عدم انعقاد الظهور _: أنّ نفس قيام ديدن الشريعة على فصل المتصلات يجعل الإنسان العرفي متقبّلاً مفسّريّةً بعض النصوص لبعض رغم الانفصال، فهذا وحده لا يكفي لإثبات أنّ ما كان قرينةً لدى الاتصال هو القرينة أيضا لدى الانفصال رغم أنّ نكتة القرينيّة كانت كامنةً فى نفس الاتصال لا في ذات القرينة، بل لابدّ من ضم ذلك إلى ما مضى من أنّ جعل ما كان قرينةً لدى الاتصال قرينة لدى الانفصال أولى من جعل ما لم يكن قرينةً لدى الاتصال قرينة لدى الانفصال، فكأنّ الدليل على قرينية الخاص على العام مثلاً صار مؤتلفاً من مقدمتين: الأولى: أنّ كون ديدن الشريعة على الفصل بين المتصلات جعل العرف يتقبل فرض قرينيّة أحدهما على الآخر رغم الانفصال. والثانية: أنّ قرينيّة ومفسّريّة ما كان كذلك في فرض الاتصال أولى من قرينيّة ومفسّريّة الآخر، وهذا رجوع إلى ما ناقشناه آنفاً.