المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

290

التصديقية تتبع الدلالة التصورية الأخيرة، وهذا الوجه _ كما ترى _ ينتفي بالفصل بين القرينة وذي القرينة.

أقول: لو سلّمنا وجود نكتة الأقوائية أو المفسّرية دائماً في القرائن قلنا: إنّ المفسّرية حينما تكون بمثل (أي) و(أعني) تنحفظ طبعاً في حال الانفصال، أمّا حينما تكون بافتراض نظام لغويّ يقتضي المفسّرية كما قد يدّعى في العام والخاص، فهذا النظام كما يمكن فرضه عامّاً يشمل فرض الانفصال كذلك يمكن فرضه خاصّاً بفرض الاتّصال، وقد يختلف الأَمر باختلاف القرائن، فتجب دراسة كلّ قرينة بحدّ ذاتها، ولا يمكن أن نستفيد شيئاً من هذه القاعدة الميرزائيّة، وحتى لو استقصينا كلّ القرائن فوجدنا نكاتها موجودة في حال الانفصال، فنحن لم نستفد شيئاً من هذه القاعدة، وإنّما استفدنا من استقصائنا للقرائن.

الوجه الثاني _ أن نسلّم أنّ نكتة القرينيّة في حال الاتّصال قد لا تكون محفوظةً في حال الانفصال، ولكن يقال: إنّه رغم عدم انحفاظها في حال الانفصال يرى العرف أنّ افتراض ما كان قرينةً عند الاتّصال للتصرف في الآخر قرينةً عند الانفصال لذلك أولى وأسهل من العكس.

ولكن أظنّ أنّ التأكيد على فرض عدم وجود نكتة القرينيّة في حال الانفصال ينبّه الوجدان العرفي النافي لأولويّة من هذا القبيل؛ إذاً فهذه القاعدة لم تفدنا شيئاً على كلّ حال.

نعم، يبقى أن يدّعي مدّعٍ بخصوص نصوص الشريعة الإسلامية أنّه ينبغي فرض المنفصلات فيها كالمتّصلات، وذلك لأحد وجهين:

الأول: أنّه جرى ديدن الشريعة على فصل المتّصلات، فحاله حال أُستاذٍ يدرّس أمراً ضمن محاضرات يوميّة، ومن الواضح أنّ المحاضرة الثانية لو كان فيها ما يقتضي