المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

29

الثلاث كان على نسق واحد، ومن الواضح أنّ العبارة الأُولى إنّما دلّت على وثاقة نفس الستة دون وثاقة من ينقلون عنه.

وعلى أيّ حال فالمهمّ في المقام هي العبارة التي نقلناها عن الشيخ الطوسي (رحمه الله)؛ حيث يبدو أنّها تدل على أنّ هؤلاء الثلاثة لا ينقلون إلا عن ثقة.

إلا أنّ السيد الخوئي قد ناقش في ذلك في مدخل كتابه «معجم رجال الحديث»(1) بعدّة مناقشات:

الأُولى: حمل نقل الشيخ: تسوية الطائفة بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم، على الحدس والاجتهاد، إذ لو كانت هذه التسوية صحيحة وأمراً معروفاً متسالماً عليه بين الأصحاب لذكرت في كلام أحد من القدماء، وليس منها في كلماتهم عين ولا أثر عدا ما جاء عن النجاشي بخصوص مراسيل محمد بن أبي عمير من سكون الأصحاب إليها معلّلاً بضياع كتبه وهلاكها، فمن المطمأنّ به أنّ منشأ هذه الدعوى هي دعوى الكشّي الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء، ويشهد لذلك أنّ الشيخ لم يخصّ ما ذكره بالثلاثة بل عمّمه لغيرهم من الثقاة الذين عرفوا بأنّهم لا يروون إلا عن ثقة، بينما لم يعرف أحد بذلك من غير جهة دعوى الكشّي الإجماع على التصحيح، وممّا يكشف عن كون هذه النسبة اجتهادية وغير ثابتة في نفسها نقض الشيخ نفسه لذلك في كتابيه التهذيب والاستبصار، حيث يناقش فيهما سند بعض الروايات بالإرسال رغم كون المرسل أحد الثلاثة، أو أحد أصحاب الإجماع.

أقول: لا إشكال في أنّ الأصل في الخبر هو الحسّ، فحمل كلام الشيخ على الحدس والاجتهاد، أو التحميل عليه بأنّه استفاد ذلك من كلام الكشّي في تصحيح


(1) معجم رجال الحديث، الجزء الأول، ص 75.