المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

277

بالسيرة، ولكن لا يضرّ بالدليل الثاني وهو التمسّك بعموم التعليل.

هذا، ولا يمكن دعوى اختصاص السيرة بالشبهات الحكمية فيما بين العقلاء، أي في تفهيم وتفهّم أغراضهم فيما بينهم، وعدم جريانها بالنسبة للشبهات الموضوعيّة، وهي محل الكلام فعلاً، وذلك لأنّ التفصيل بين الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية بالحجّية في إحداهما دون الأُخرى لا يكون إلا أمراً تعبّدياً بحتاً، وهذا بعيد عن مذاق العقلاء.

وعلى أيّ حال فقد يدّعى ورود الردع عن السيرة المدّعاة في المقام لو تمّت في نفسها في موارد الشبهات الموضوعية، وذلك إمّا بحديث عام، أو بأحاديث خاصّة في موارد متفرقة يقتنص العرف منها الردع عن كبرى السيرة.

أمّا الحديث العام، فهو عبارة عن حديث مسعدة بن صدقة عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: كلّ شيءٍ هو لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة، والمملوك عندك لعلّه حرّ قد باع نفسه، أو خدع فبيع قهراً، أو امرأة تحتك وهي أُختك أو رضيعتك، والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البيّنة»(1).

وأورد أُستاذنا الشهيد (رحمه الله)(2) على رادعيّة هذا الحديث بوجهين(3):

أحدهما _ أنّ رواية واحدة لا تكفي لإثبات الردع؛ لأنّ مستوى الردع يجب أن يتناسب مع درجة قوّة السيرة وترسّخها، ومثل هذه السيرة على العمل بخبر الثقة لو كان الشارع قاصداً ردعها لأصدر بيانات كثيرة، ولوصلتنا منها نصوص عديدة، كما


(1) وسائل الشيعة، ج 12، ص60، الباب 4 من ما يكتسب به، ح4.

(2) بحوث في شرح العروة الوثقى، ج2، ص 86 _ 87.

(3) الوجوه المذكورة في البحوث خمسة، لكن الذي وافق عليه أُستاذنا الشهيد (رحمه الله) اثنان.