المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

267

القبيل؛ إذ لا يترتب على الهبة شيء عدا ملكيّة الكتاب التي هي مترتبة على البيع أيضاً، فكلاهما معترفان بها، فدعوى الهبة لم توجب خصومة بينهما، وإنّما التي أوجبت الخصومة هي دعوى البيع التي يترتب عليها إلزام المشتري بالثمن وثبوت الخيار على تقدير عدم تسليم الثمن....

أقول: هذا البيان في غاية المتانة؛ إلا أنّه لم يكن ينبغي الاعتراف بالإثنينيّة بين فرض كون المقياس لتشخيص المدعي والمنكر هو النتيجة الالزامية أو هو مصبّ الدعوى واختيار الأول وجعل هذا البيان دليلاً على أنّه حتى على الثاني يكون مدّعي البيع فى المقام هو المدّعي ومدّعي الهبة هو المنكر، بل كان ينبغي أن يجعل هذا البيان دليلاً على أنّ البحث عن كون المقياس في تشخيص المدّعي هو مصبّ الدعوى أو النتيجة الإلزامية لا مورد له حتى على مبنى كون المدّعي هو من يخالف قوله الأصل أو أنّه من إذا تَرك تُرِك بتفسير يشابه التفسير بمخالفة الأصل؛ وذلك لوضوح أنه إذا أخرجنا من الحساب الدعوى التى لا تؤثّر على النتيجة، فالأصل في الدعوى الأخرى التى تؤثّر على النتيجة مع الأصل فى النتيجة إمّا يتوافقان، أو يتقدّم أحدهما على الآخر بالحكومة فيكون أصلاً للمصبّ والنتيجة معاً.

هذا، واستدلّ المحقّق العراقي (رحمه الله)(1) أيضاً على كون المقياس هو الأصل في النتائج والإلزامات لا في مصبّ الدعوى بالحديث الوارد في الاختلاف حول دعوى الوديعة أو الرهن، وهو ما ورد بسند تام عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال في رجل رهن عند صاحبه رهناً، فقال الذي عنده الرهن: ارتهنته عندي بكذا وكذا، وقال الآخر: إنّما هو عندك وديعة، فقال: «البيّنة على الذي عنده الرهن أنّه بكذا


(1) كتاب القضاء، ص 105 _ 106