المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

265

ولا يخفى أنّ هذا البحث لا مجال له بناءً على أنّ الضابط في تشخيص المدّعي والمنكر هو مخالفة الظاهر وموافقته، فإنّ مصبّ الدعوى والنتيجة متلازمان في الظهور وعدمه، فإنّ النتيجة هي ثمرة ذاك المصبّ، والمصبّ هو مُنتِج تلك النتيجة، وما يكون ظاهراً في أحدهما فهو ظاهر في ملازمه لا محالة.

كما لا مجال أيضاً لهذا البحث بناءً على أنّ الضابط في تشخيص المدّعي والمنكر هو أن يكون الذي إذا تَرك تُرك مدّعياً والآخر منكراً _ ما لم يرجع الى مسألة مخالفة الأصل وموافقته بالتوجيه الذي مضى من المحقق العراقي (رحمه الله)_؛ إذ من الواضح أنّ من يترك إلزام الآخر بالنتيجة وهي الخمسة الزائدة في المثال الماضي هو الذي لو تَرك الخصومة تُرك، ومصبّ الدعوى لا يلعب دوراً مغايراً لذلك.

وإنّما الذي يمكن أن يتصور بدواً _ من التعريفات الثلاثة المهمّة للمدّعي _ مورداً لفتح بحث من هذا القبيل _ وهو البحث عن أنّ المقياس هل هو مصبّ الدعوى أو النتيجة _ هو التعريف المختار، وهو أنّ المدّعي من خالف قوله الأصل، والمنكر من وافق قوله الأصل، أو أنّ المدّعي من إذا تَركَ تُرك بالتفسير الماضي عن المحقّق العراقي (رحمه الله)، فيقُال مثلاً في مسألة الاختلاف في مقدار الأُجرة _ إذا جَعَلا مصبّ النزاع نفس الإيجارين _: إنّه بناءً على كون المقياس هو مصبّ الدعوى فكلّ منهما مدّعٍ لعقد على خلاف الأصل ومنكر لعقد آخر، وبناءً على كون المقياس النتيجة فالموجر مدّعٍ والمستأجر منكر؛ لأنّ الموجر يدّعي مبلغاً إضافياً ينكره المستأجر.

وذكر المحقّق العراقي (رحمه الله): أنّ الصحيح هو أنّ المقياس قيام الحجّة على نفي الجهة الملزمة المترتبة على الدعوى، لا الحجّة على محطّ الدعوى محضاً؛ لأنّ المدّعي هو الذي لو ترك مخالفة الإلزام الثابت بالأصل والحجّة لتُرك، وهذا إنّما يصدق على من يطالب بالإلزام بالنتيجة التي يكون مقتضى الأصل والحجّة خلافها. أمّا مجرد كون