المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

249

ليست فيه دلالة على عدم حجّية العلم الحدسي.

الثاني _ الروايات الدالّة على أنّ الشهادة يجب أن تكون عن حسّ أو ما يقرب منه، بدعوى التعدّي من الشهادة إلى القضاء لعدم احتمال الفرق، أو أهونيّة الشهادة من القضاء عرفاً، كالحديث الوارد تارةً عن علي بن غياث، وأُخرى عن علي بن غراب عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «لا تشهدنّ بشهادةٍ حتى تعرفها كما تعرف كفّك»(1). وما عن المحقّق في الشرائع عن النبي (صلى الله عليه و آله) وقد سئل عن الشهادة قال: «هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد، أودع»(2). فإذا تعدينا من باب الشهادة إلى باب القضاء قيّدنا بذلك إطلاقات القضاء بالحقّ والعدل، إلا أنّ هذه الروايات غير تامّة سنداً، ولو تمّت قلنا: إنّ احتمال الفرق عقلاً بين باب الشهادة وباب القضاء وارد، فلا يمكن التعدّي إلى باب القضاء عقلاً، كما أنّ احتمال الفرق عرفي فلا يمكن التعدّي من تلك الروايات _ لو تمّت سنداً _ إلى باب القضاء بدعوى إلغاء العرف الخصوصيّة. ووجه الفرق المحتمل عقلاً وعرفاً بين البابين هو أنّ الشاهد ليس أمره دائراً بين أن يشهد بالحقّ أو بالباطل، فلو كان علمه غير حسّي فليسكت ولا يشهد، ولكن ماذا يصنع القاضي فيما يكون علمه غير حسّي، وقد قام الدليل القضائي من اليمين أو البيّنة على خلاف علمه؟ فأمره دائر بين قضائه بعلمه وقضائه بما يعلم بخطئه. أمّا احتمال أن يحرم عليه القضاء، ويجب عليه السكوت فهو غير وارد لا في الفقه الإسلامي ولا في المرتكزات العرفيّة العقلائيّة.


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص235، الباب 8 من الشهادات، ح3، و الباب 20، ص250، ح1.

(2) نفس المصدر، ص251، الباب 20 من الشهادات.