المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

245

لهذه الإطلاقات على عدم نفوذ العلم.

وقد يقال في مقابل ذلك: إنّ الأمر على العكس، فلهذا الحديث وأمثاله إطلاق قويّ نافٍ لنفوذ علم القاضي؛ لأنّ المتعارف في شهادة ثلاثة من العدول _ إن كانت عدالتهم ثابتة باليقين لا بمجرّد ظاهر الحال _ هو حصول العلم بالصدق، فافتراض كون الحدّ هو أربعة شهود له ظهور إطلاقي قويّ في عدم نفوذ علم القاضي. إلا أنّ هذا لو تمّ فاحتمال الخصوصيّة في باب الزنا وارد، ولا يمكن التعدّي إلى سائر الحدود فضلاً عن باب المرافعات الذي هو محلّ بحثنا.

الخامس _ أنّ أصل التركيز على البيّنة في باب القضاء في الشريعة الإسلامية _ رغم أنّ خبر العدل الواحد ولو لم يضمّ إلى خبر عدل آخر ولا إلى يمين كثيراً ما يورث العلم ولو بضمّ بعض القرائن، وكثيراً ما يحصل للقاضي العلم بمقتضى القرائن أو خبر الثقة من دون خبر العدل الواحد أيضاً _ يفهم منه عدم نفوذ علم القاضي.

وهذا الوجه إن دلّ فإنّما يدل على عدم نفوذ علم القاضي غير المستند إلى الحسّ ولا ما يقرب من الحس؛ لأنّه هو الذي يكثر حصوله مع عدم البيّنة لا العلم المستند إلى الحسّ أو ما يقرب منه.

وهذا الوجه بهذا المقدار قاصر عن إثبات عدم حجّية العلم غير الحسّي أيضاً فضلاً عن العلم الحسّي، فإنّ خبر الواحد كما يورث كثيراً العلم كذلك يتفق كثيراً عدم إفادته للعلم، وهذا كافٍ في التركيز على البيّنة في الشريعة الإسلامية من دون أن يكون ذلك دالّاً على عدم حجّية العلم غير الحسي. نعم لو كان حصول العلم بخبر الواحد أمراً غالبياً وعدمه نادراً أمكن أن يقال: إنّ التركيز على البيّنة يدل على عدم حجّية العلم غير الحسّي.

إلا أنّه بالإمكان تطوير هذا الوجه بأن يقال: إنّه لم يرد إلينا خبر واحد _ ولو مرسل _