المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

240

الغيب الذي يعلمه اللّه تعالى، وكذلك في باب المرافعات لم يتّفق أن يقضي وفق علمه الإلهي، بل كان يقضي وفق البيّنات والأيمان.

ولا يخفى أنّ ترتيب آثار الإسلام على ظاهر الحال لا علاقة له بباب القضاء في حقوق الناس، واحتمال الفرق موجود، فلو كان هذا وحده لما أمكن إثبات عدم نفوذ العلم في حقوق الناس والمرافعات بذلك.

على أنّ من المحتمل أن يكون موضوع آثار الإسلام في هذه الدنيا عبارة عن إظهار الإسلام ولو كان في علم اللّه كاذباً.

نعم، هاتان المناقشتان لا تجريان فيما هو المسلّم به من أنّه (صلى الله عليه و آله) لم يكن يعتمد في خصمه للمرافعات على علمه الإلهي، بل كان يطلب البيّنة واليمين.

ولكن هناك مناقشتان أُخرَيان جاريتان في ذلك أيضاً:

إحداهما _ ما قد يقول القائل _ كما جاء في كلام المحقّق الآشتياني (رحمه الله) في المقام _ من منع علم المعصوم بجميع جزئيات أفعال المكلفين وأقوالهم، غاية الأمر أنّهم قادرون على العلم بها وإن شاؤوا علموا. وتنقيح ذلك راجع إلى بحث كيفيّة علم المعصوم.

والثانية _ أنّ عدم قضاء المعصوم بعلمه الغيبي لا يستلزم عدم نفوذ علمه الناشيء من الأسباب الاعتياديّة، واحتمال الفرق موجود، ومحل البحث كما مضى في صدر المبحث هو الثاني دون الأول.

الثاني _ ما جاء عن طريق أهل السنّة من حديث ورد في السنن الكبرى للبيهقي(1)، وفيه _ ضمن ذكر قصّة الملاعنة الراجعة لامرأة _: «قال ابن شداد بن الهاد لابن عباس: أهي المرأة التي قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): لو كنت راجماً أحداً بغير بيّنة لرجمتها.


(1) ج 7، ص 407