المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

24

والثاني: مقبولة عمر بن حنظلة، قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً له؛ لأنّه أخذ بحكم الطاغوت وما أمر اللّه أن يكفر به... . قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً؛ فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه، وعلينا ردّ، والرادّ علينا الرادّ على اللّه، وهو على حدّ الشرك باللّه»(1).

وقد ردّ السيد الخوئي (رحمه الله) كلا هذين الحديثين بضعف السند، ويقصد بذلك عدم ثبوت وثاقة إسحاق بن يعقوب في الحديث الأول، وعمر بن حنظلة _ كما صرّح به _ في الحديث الثاني، ورغم هذا آمن بأصل فكرة القاضي المنصوب على أساس توقّف حفظ النظام المادّي والمعنوي على القضاء الموجب لوجوبه كفاية.

وقد يقال: إنّ الوجوب الكفائي حكم تكليفي لا يثبت النصب الذي هو حكم وضعي، والحكم لا يحقّق موضوعه وشروطه، فلو كان الشرط في نفوذ القضاء هو النصب فكيف يمكن إثبات ذلك بوجوبه؟!

إلا أنّه بالإمكان الإجابة على ذلك: بأنّه لو كان الوجوب الكفائي للقضاء ثابتاً بنصّ خاص مثلاً مشروطاً بنصب الإمام صحّ القول بأنّ هذا الوجوب لا يثبت النصب، فإذا لم يكن دليل على النصب لم يمكن إثباته بالوجوب الكفائي، ولكنّ الوجوب الكفائي هنا ثبت بعلمنا بعدم رضا الشارع باختلال النظام، وهذا العلم كما


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص99، الباب 11 من صفات القاضي، ح 1.