المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

238

بالقاضي، وفي مثل هذا الفرض لا يرد عرفاً احتمال اختصاص الحكم بعلم الإمام، إذاً فالحديث يدل على نفوذ علم القاضي حينما يكون حسّياً وعامّاً، ولايدل على أكثر من ذلك. وقد مضى في وجه سابق أنّ هذا في قوّة عدم الدلالة على نفوذ علم القاضي، وإن شئت قلت: إنّ كلّ دليل دلّ على نفوذ علم المعصوم من قبيل ما مضى من قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) للأعرابي أو غيره من الروايات نحن نجعله دليلاً على نفوذ علم كلّ قاضٍ إذا كان علماً حسياً أو قريباً من الحسّ وكان عامّاً _ أي بإمكان كثير من الناس أن يعلمه _ وذلك لعدم احتمال الفرق عرفاً بين علم المعصوم وغيره إلا من إحدى ناحيتين: الأُولى كون علم المعصوم لعصمته كالعلم الحسّي أو القريب من الحسّ، والثانية كون علم المعصوم حينما يخبر به عامّاً، أي بإمكان كلّ أحد أن يعلمه عن طريق اعتماده على علم المعصوم؛ لعدم احتمال الخطأ في علم المعصوم، فإذا علم القاضي غير المعصوم أيضاً بعلم حسّي عام لم يكن يحتمل العرف الفرق في الحجّية بينه وبين علم المعصوم في القضاء، فإن قلنا: إنّ لهذا العلم حجّيةً ارتكازيّةً، وينبغي خروجه عن محلّ البحث؛ إذاً فأدلّة نفوذ علم المعصوم لا تفيدنا شيئاً، وإلا فأدلّة نفوذ علم المعصوم تفيدنا بقدر إثبات حجّية علم القاضي الحسّي العامّ لا أكثر من ذلك، ولا نستطيع أن نتعدّى إلى علم القاضي الفقيه غير الحسّي أو غير العام بمبدأ ولاية الفقيه حتى لو فسّرناها بمعنى (كلّ ما للإمام فهو للفقيه)؛ إذ لم يثبت أنّ للإمام أن يحكم بغير العلم الحسّي العامّ.

نعم، الإمام كلّ علمه هو علم حسّي عام بنكتة عصمته عن الخطأ.

الدليل الخامس عشر _ ما ورد في كتاب بصائر الدرجات للصفّار (رحمه الله) قال: «حدّثنا أحمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن بكار بن كرام، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: أنّ جويرية بن عمر العبدي خاصمه رجل في فرس أُنثى فادّعيا جميعاً الفرس، فقال