المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

236

أمّا أنّ ابن الشيخ الضعيف سيكون ضعيفاً فهذا بحاجة إلى فحص علمي، فإن ثبت خطؤه سقط هذا الحديث عن الاعتبار حتى لو كان تامّاً سنداً، وأمّا لو فرضت صحّة ذلك علميّاً فهذا الحديث _ بغضّ النظر عن ضعف سنده _ قد يقال أيضاً بأنّ مفاده غريب؛ إذ معنى صحّة هذه القضيّة علميّاً ليس هو عدم تطرّق احتمال ثبوت الزنا؛ إذ قد يكون ضعف الطفل مستنداً إلى علّة أُخرى فيه مباشرةً، أو بالوراثة من أبيه غير هذا الشيخ من شيخ آخر، أو شابٍ مبتلىً بالضعف، أو ما شاكل ذلك. وعلى أيّ حال فبالنسبة لدلالة الحديث قد يقال: إنّه يدل على نفوذ علم القاضي الحاصل عن طريقٍ شاهده الناس أيضاً لا العلم الخاص بالقاضي، واحتمال اختصاص ذلك بعلم الإمام غير وارد، فإنّ احتمال الخصوصيّة لعلم الإمام في مورد هذه الرواية غير وارد عرفاً؛ إذ الإمام (عليه السلام) اعتمد في علمه هذا على طريقة عامّة شاهدَها الآخرون، ولم يكن طريقاً خاصّاً يحتمل فيه الخطأ أو الكذب بالنسبة لغير المعصوم، ولا يحتمل ذلك بالنسبة للمعصوم.

وقد يقال: إنّ الشيء الخاص بالإمام (عليه السلام) هنا هو علمه بتلك القضيّة العلميّة التي كانت مخفيّة على الناس وهو أنّ ولد الشيخ الضعيف يصبح ضعيفاً.

ولكن مع هذا قد يقال: إنّ هذا يدل على نفوذ علم القاضي مطلقاً، لا خصوص الإمام؛ لأنّ الظاهر من القصّة _ وبيان وجه الحكم من قبله (عليه السلام) لأُناس لم يكونوا يرونه وقتئذٍ إماماً _ أنّ القضية تستبطن تعليم الناس ضمناً طريقة الحكم، أو يقال: إنّه بعد أن تؤخذ القاعدة _ قاعدة تبعيّة الطفل لأبيه الكبير السن الضعيف في الضعف _ مفروغاً عنها من الإمام (عليه السلام) تكون مشاهدة وضع الصبي حينما قام موجبة لعلم حسّي عام، أي يستطيع كلّ أحد أن يعلمه، وفي مثله لا تحتمل عرفاً خصوصيّة لعلم المعصوم، فالحديث يدل على نفوذ علم القاضي مطلقاً إذا كان حسّيّاً أو قريباً