المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

233

الدليل العاشر _ الروايتان الواردتان(1) بشأن قصّة النبي (صلى الله عليه و آله) في شرائه للناقة من الأعرابي، حيث وقع الخلاف بينه وبين الأعرابي في الرواية الأولى حول أداء الثمن، وفي الرواية الثانية حول أصل بيع الناقة، وكان حُكْم أمير المؤمنين (عليه السلام) فيهما أن قتل الأعرابي. والرواية الأُولى تامّة سنداً، والثانية غير تامّة سنداً.

أمّا وجه الاستدلال فبالإمكان أن يقال: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد حكم في مورد الحديث بعلمه أو بعلم رسول اللّه (صلى الله عليه و آله)، وهذا دليل على نفوذ علم المعصوم في القضاء، فإن تمّ التعدّي إلى الفقيه بواسطة مبدأ ولاية الفقيه تعدّينا إليه، وإلا _ كما ناقشنا في ذلك في الوجه السابق _ لم يدل هذا الوجه على أكثر من نفوذ علم المعصوم، وهو غير المقصود.

وعلى أيّ حال فيرد عليه لو اقتصرنا على التمسّك بعمل الإمام (عليه السلام): أنّ بالإمكان حمل عمل أمير المؤمنين (عليه السلام) على تنفيذ القتل بشأن من كذّب الرسول (صلى الله عليه و آله)، لا على القضاء بمعنى خصم النزاع، وإن كان قد ارتفع به النزاع تكويناً.

وبتعبير آخر: لعلّ هذا الحكم لم يكن قضاء بمعنى فصل النزاع في حقوق الناس، بل كان إجراءً لحدّ هو من حقوق اللّه، وقد مضت _ في الدليل السادس _ الإشارة إلى أنّ التعدّي من حقوق اللّه إلى حقوق الناس غير صحيح، كما أنّ أمر أمير المؤمنين (عليه السلام) للأعرابي في إحدى الروايتين بتسليم الناقة إلى رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) يمكن حمله على إرشاده إلى وظيفته الشرعية.

نعم، بالإمكان أن يجعل الدليل على نفوذ علم المعصوم في القضاء أصل قاعدة


(1) راجع وسائل الشيعة، ج 18، ص200 _ 201، الباب 18 من كيفيّة الحكم، ح 1 و 2، والفقيه، ج 3، الباب 46، ص60 _ 62، ح1 و2