المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

232

بإيراد الإمام (عليه السلام) إشكالاً رابعاً على شريح أيضاً _ يحتمل أن يكون إشكاله عليه: أنّه لِمَ لم يقضِ وفق علم الإمام؟ فالمتيقّن من هذا الحديث هو حجّية علم الإمام في القضاء، ولا يثبت جواز قضاء الفقيه بعلمه إلا أن يتعدّى إلى الفقيه: إمّا بدعوى أن المقصود من إمام المسلمين هو ولي الأمر، لا خصوص الإمام المعصوم، أو بدعوى التمسّك ابتداءً بدليل ولاية الفقيه وأنّ ما للإمام للفقيه. وقد عرفت في الوجه السابق النقاش في ذلك، حيث قلنا إنّ مقياسية العلم ليست من الأحكام الولائية حتى تنتقل إلى الفقيه بقانون ولاية الفقيه، بل هي من الأحكام الفقهية، ولا أقّل من احتمال ذلك، ولا دليل لنا على قاعدة مطلقة تقول: إنّ كلّ ما للإمام فهو للفقيه.

لا يقال: إنّ قضاء القاضي بأيّ لون من الألوان هو نوع ولاية للقاضي، فقضاء الإمام بعلمه هو حكم ولائي فينتقل إلى الفقيه بحكم ولاية الفقيه.

فإنّه يقال: إنّ انتقال هذه الولاية إلى الفقيه يعني أنّ الفقيه يقضي بعلم الإمام لو شهد لديه الإمام بشيء؛ أي: إنّ علم الإمام هو أحد مقاييس القضاء حتى في قضاء الفقيه، ولا يختص بقضاء الإمام نفسِه، أمّا أنّ مطلق علم القاضي هو أحد مقاييس القضاء، أو أنّ خصوص علم الإمام هو أحد المقاييس، فهذا حكم فقهي شرعي، وليس حكماً ولائياً كي يتمسّك بدليل ولاية الفقيه لإثبات كون المقياس هو مطلق علم القاضي.

هذا، وصاحب الجواهر (رحمه الله) استدلّ بهذا الحديث على نفوذ علم الإمام المعصوم فحسب، لا على نفوذ مطلق علم القاضي، فكأنّه ينظر إلى الوجه الثاني من وجهي الاستشهاد اللذين أشرنا إليهما.