المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

231

فنقله لهذه القصّة قد لا تجري فيه أصالة الحسّ، فهذا التشكيك لا يأتي في السند الثاني؛ لأنّ محمد بن قيس قد لقي أبا جعفر (عليه السلام)، وروى عنه.

قوله: «أُخذت غلولاً يوم البصرة...» الغلول بمعنى الخيانة، والظاهر أنّ المقصود هو أنّ درع طلحة في يوم البصرة كانت من الغنائم فأخذها أحدهم قبل قسمة الغنائم خيانةً وغلولاً، وقد قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): حيث ما وجد غلول أُخذ بغير بيّنة، فكأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أمر _ اهتماماً بمنع الغلول في الحرب _ بقبول قول أمير الحرب، أو بقبول قول أي واحد من المحاربين في كون ما عثر عليه غلولاً، وأسقط حجّية اليد في مقابل قول أمير الحرب أو في مقابل قول أيّ واحد منهم، وبما أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في حرب البصرة إمام الحرب فلا معنى لمطالبته بالبيّنة. وهذا الحديث دليل على جواز اغتنام ما حواه العسكر في حرب البغاة.

قوله: «خذها... » جاء في رواية الصدوق التي أشرنا إليها: «خذوا الدرع...» وكأنّ المقصود بذلك أمر أصحابه (عليه السلام) بأخذ الدرع رغم قضاء شريح؛ لأنّ شريحاً قضى بالجور.

قوله: «ويلك _ أو ويحك _ إنّ إمام المسلمين يؤمَن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا» هذا المقطع هو محلّ الشاهد، ووجه الاستشهاد: إمّا هو القول بأنّ هذه العبارة إشارة الى إشكال آخر على شريح: وهو أنّه كان المفروض بشريح أن يحصل له العلم بصحّة كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأن يحكم بعلمه. وإمّا هو التمسّك ابتداء بعموم هذه القاعدة، وهي قاعدة أنّ إمام المسلمين يؤمَن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا؛ بدعوى أنّ نفوذ قضاء الإمام بعلمه مصداق لائتمان الإمام على أمور المسلمين.

وعلى الوجه الأول يدل الحديث على نفوذ علم القاضي إطلاقاً، وعلى الوجه الثاني يدل على نفوذ علم الإمام، بل على الوجه الأول _ أي على تقدير التمسّك