المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

217

في المقام أيضاً؛ إذ إجبار القاضي للزوجة على التسليم للمطلِّق ليس إجباراً لها على الفسق كي يكون فسقاً. وإن قلنا بالثاني أشكل في المقام التفصيل بين حقّ القضاء وحق التنفيذ _ بأن يكون للقاضي حقّ القضاء، ولا يكون له حقّ التنفيذ _ فإنّ هذا بعيد عن الفهم المتشرّعي.

وهذا يرجع في روحه إلى التمسّك بالدلالة الالتزامية _ الثابتة في العرف المتشرّعي لدليل حرمة الإجبار على الحرام _ على جواز القضاء بالعلم، وبعد هذا نحتاج إلى التعدّي إلى غير موارد استلزام الإجبار على الحرام بالإجماع المركّب، أو ارتكاز عدم الفصل.

الدليل الخامس _ ما جاء في الجواهر أيضاً من أنّ عدم القضاء بالعلم يؤدّي إلى عدم وجوب إنكار المنكر، وعدم وجوب إظهار الحقّ مع إمكانه.

أقول: مجرّد الإنكار باللسان وإظهار الحقّ باللسان يمكن للقاضي أن يصنعه بنصح الخصم الذي يدّعي الباطل بالاعتراف والتنازل للحقّ والإقرار به. أمّا الإنكار باليد وإجبار المبطل على رفع اليد عن باطله، فإن قلنا بقيام دليل لفظي على وجوب ذلك دلّ ذاك الدليل بالالتزام على نفوذ علم القاضي في القضاء، أمّا إذا كان الدليل على ذلك هو الارتكاز المنضمّ إلى ارتكاز عدم معقوليّة قضاء القاضي بشيء وتنفيذه لشيء آخر، فهذا الدليل يصبح منبّهاً للارتكاز، لا دليلاً في ذاته على المطلوب.

الدليل السادس _ ما جاء في الجواهر أيضاً من أنّ أدلّة الحدود توجب على الحاكم إجراء الحدّ على المرتكب الواقعي لما فيه الحدّ؛ لأنّ تلك الأدلّة منصبّة على عنوان فاعل الفعل كالسارق والزاني، فمتى ما علم الحاكم بتحقّق العنوان فقد علم بضرورة إجراء الحدّ ولو لم تَقُمْ بيّنةً؛ إذاً فللحاكم أن يعمل بعلمه في باب الحدود، ثم نتعدّى إلى غير باب الحدود بالأولويّة.