المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

216

وقد يقال: إنّ المقصود بهذا الوجه هو دعوى أنّ من المرتكز فقهيّاً ومتشرّعيّاً _ بحيث لا يمكن التشكيك فيه _ كون الحكم بالزوجيّة في هذا الفرض مع القطع بالزنا فسقاً، كما أنّ من المرتكز أنّ إيقاف الحكم غير صحيح، فينحصر الأمر في الحكم على وفق العلم. وهذا الكلام يعني في روحه دعوى قيام الارتكاز الفقهي والمتشرّعي على نفوذ علم القاضي فيما إذا كان حكمه بغير علمه يؤدّي إلى الحكم بالحرام على المحكوم عليه، ثم يجعل هذا دليلاً على نفوذ علم القاضي مطلقاً بالإجماع المركّب.

ولكن قلنا في ما سبق: إنّ الإجماع في هذه المسألة لا قيمة له؛ لاحتمال مدركيّته على أقلّ تقدير.

فإذاً يجب استبدال الإجماع المركّب في المقام بدعوى ارتكاز فقهي ومتشرّعي آخر وهو ارتكاز عدم الفصل في نفوذ علم القاضي بين مورد ومورد.

وهذا يعني في واقعه دعوى الارتكاز المتشرّعي والفقهي ابتداءً على نفوذ علم القاضي، فليس هذا الوجه على أفضل تقدير إلا إلفاتاً للنظر إلى هذا الارتكاز، لا دليلاً في ذاته على المطلوب.

وإن فرض الفسق في التنفيذ فنظير هذا الإشكال وارد بالنسبة للمحكوم عليه حتى إذا حكم الحاكم بعلمه، أو حكم بالبيّنات والأيمان عند عدم علمه لو نفّذه المحكوم عليه على نفسه، كما لو حكم الحاكم بعلمه أو بالبيّنة على امرأة بأنّها زوجة فلان وهي تعلم بالخطأ، فلو نَفَّذَت الحكم بالتمكين من ذاك الرجل فقد وقعت _ حسب علمها _ في الزنا، وهذه مسألة يجب أن نبحثها في المستقبل إن شاء اللّه تحت عنوان: (مدى نفوذ حكم القاضي) كي نرى أنّ حكم الحاكم بالنسبة لمن ينفذ عليه حتى مع علمه بالخلاف هل ينفذ حتى مع علمه بحرمة ما يقع فيه بالعنوان الأوّلي؛ أي إنّ قضاء الحاكم يرفع الحرمة واقعاً أو لا؟ فإن قلنا بالأوّل ارتفع الإشكال