المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

215

القضاء إذا كان الحكم وفق مقاييس القضاء من دون فرق بين أن يكون ذاك المقياس عبارةً عن البيّنة أو اليمين، أو يكون عبارةً عن علم القاضي.

وثانيهما _ قوله في مقبولة عمر بن حنظلة: «إذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه، وعلينا ردّ، والرادّ علينا الرادّ على اللّه، وهو على حدّ الشرك باللّه»(1)، فمن الواضح جدّاً أنّ هذا الخطاب لا أقلّ من أنّه يريد تحريم نقض الحكم على الخصمين حتى المدّعي منهما للقطع بخطأ الحكم أو احتماله، وهذا لا يمكن أن يكون إلا بأن يكون المراد في خصوص هذا الحديث من كلمة: (حكمنا) هو الحكم وفق مقاييس القضاء لا الحكم في الواقع، وإلا فلا يمكن إسكات الخصم بذلك؛ إذ هو يدّعي القطع بانتفاء الموضوع أو احتماله؛ إذاً فهذا الحديث يحرّم بإطلاقه على القاضي الثاني نقض قضاء قاضٍ يحكم وفق مقاييس القضاء من دون فرق بين البيّنة واليمين، أو العلم الثابت مقياسيّته بغير هذا الحديث ممّا مضت الإشارة إليه من الروايات والآيات.

الدليل الرابع _ ما جاء في الجواهر أيضاً من أنّه لو لم نقل بجواز القضاء وفق العلم لزم فسق الحاكم، أو إيقاف الحكم، وهما معاً باطلان؛ وذلك لأنّه إذا طلّق زوجته ثلاثاً مثلاً بحضرته ثم جحد كان القول قوله مع يمينه، فإن حكم بغير علمه وهو استحلافه وتسليمها إليه لزم فسقه، وإلا لزم إيقاف الحكم.

أقول: تارةً يفرض الفسق في أصل الحكم، وأُخرى يفرض الفسق في تنفيذه، فإن فرض الفسق في أصل الحكم كان هذا مصادرة على المطلوب؛ إذ لو كان العلم غير داخل في مقاييس الحكم وكان يجب الحكم وفق البيّنات والأيمان فلا فسق في ذلك.


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص99، الباب 11 من صفات القاضي، ح 1.