المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

211

يعني الأمر بالقضاء قضاءً حقّاً، ومن الواضح أنّ القضاء الحقّ في ذاته يعني القضاء وفق المقاييس القضائيّة.

قلت: حمل ذلك على مفاد المفعول المطلق واستعمال جملة (مشى زيد بسرعة) بهذا المعنى لا أعرف مدى صحّته في اللغة العربية.

نعم، لا شكّ في صحّة هذا التعبير: (مشى زيد بسرعة) بمعنى الظرفية والحال أي في سرعة أو مُسرِعاً، كقوله تعالى: ﴿اُدْخُلُوهٰا بِسَلاٰمٍ آمِنِينَ﴾(1) أي: في سلام أو سالمين.

نعم، ورد في الحديث: «لَسيرةُ علي (عليه السلام) في أهل البصرة كانت خَيراً لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس؛ أنّه علم أنّ للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته. قلت: فأخبرني عن القائم (عليه السلام) يسير بسيرته؟ قال: لا، إنّ عليّاً سار فيهم بالمنّ لما علم من دولتهم، وإنّ القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة؛ لأنّه لا دولة لهم»(2). وفي حديث آخر: «إنّ القائم إذا قام بأيّ سيرة يسير في الناس؟...»(3) ونحوهما غيرهما(4).

ولكن الظاهر أنّ المقصود بالسيرة العمل الذي سار عليه علي (عليه السلام)، لا السيرة بالمعنى المصدري، وإن شئت فعبّر عن ذلك بـ (اسم المصدر)؛ فالفعل قد تعدّى إليه بالباء وليس مفعولاً مطلقاً. وعلى أيّ حال فلا شكّ أنّ حمل كلمة (بالحقّ) و(بالعدل) ونحو ذلك فيما نحن فيه على معنى المفعول المطلق لو كان صحيحاً فهو عند إمكانيّة الحمل على المفعول به خلاف الظاهر جدّاً.


(1) الحجر: 46.

(2) وسائل الشيعة، ج 11، ص57، الباب 25 من جهاد العدو، ح 1 و2.

(3) نفس المصدر.

(4) راجع نفس المصدر، ص57 _ 59.