المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

209

أقول: هذا مضافاً إلى ضعف سند الحديث.

وعلى أيّ حال فبالإمكان أن يُغضّ النظر عن الشاهد الذي ذكره المحقّق العراقي (رحمه الله)، ويقال ابتداءً: إنّنا نحتمل كون المقصود بالحقّ والعدل في المقام هو الحقّ والعدل وفق مقاييس القضاء لا وفق الواقع، فما لم يثبت ظهور الأدلّة في إرادة الحقّ والعدل وفق الواقع لا يتم الاستدلال بهذه الأدلّة، وقد أشار إلى ذلك أُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في كتابه المذكور، وأجاب عنه:

أوّلاً بأنّ المتبادر من كلمة الحقّ والعدل _ وخاصّةً كلمة (الحقّ) _ هو الحقّ والعدل بحسب الواقع، لا الحق والعدل بحسب مقاييس القضاء.

وثانياً بأنّ حمل الأمر في قوله تعالى: ﴿أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾على الأمر بالحكم بما هو عدل بمقاييس القضاء، يعني حمله على الأمر الإرشادي؛ إذ هذا يعني الأمر بالعمل بمقاييس القضاء وقوانينه فى حين أنّ نفس وضعها قانوناً للقضاء يعني لزوم تطبيقها؛ فالأمر بالتزام القانون أمر إرشادي نظير الأمر بالطاعة، فظهور الأمر في المولويّة يقتضي حمل العدل على العدل بحسب الواقع(1).

أقول: لو آمنّا بأنّ كلمة (العدل) بحدّ ذاتها مجملة مردّدة بين المعنيين دخل اتصالها ݣݣبالأمر في اتّصال ما يصلح للقرينيّة على إرشاديّة الأمر، وهذا يوجب الإجمال، على أنّ إرشاداً من هذا القبيل _ أي من قبيل الأمر بالطاعة والتخويف بالنار ونحو ذلك _ داخل أيضاً في شؤون المولى سبحانه كمولويّته، فلا نقبل ظهور الأمر في المولويّة في قبال الإرشاديّة بهذا المعنى. وببالي _ على ما أتذكّر أنّه _ تغمّده اللّه برحمته نبّه على هذه النكتة في بعض أبحاثه الأصوليّة التي أدلى بها بعد كتابه (فدك) بسنين كثيرة.


(1) راجع كتاب فدك، ص 163 _ 164.