المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

201

فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ﴾(1)، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾(2).

وكيفما كان فالبحث عن مدى نفوذ علم المعصوم ووجوب حكمه به، أو مجرّد الجواز، أو عدم جواز ذلك بحث فارغ لا أثر له؛ إذ المعصوم حينما يكون حاكماً هو أعرف بوظيفته، وحينما يكون الحاكم غير معصوم لا يفيده هذا البحث إلا بافتراض ذلك مقدّمةً لجواز حكم الفقيه بعلمه بناءً على أنّ كلّ ما للإمام للفقيه.

ثم إنّه ينبغي أن يستبعد من بحث حجّية علم القاضي علمه الحسّي بمثل البيّنة، والإقرار، واليمين، وتزكية الشهود وجرحهم، والجامع هو علمه الحسّي بما يستعين به في القضاء؛ إذ من ضرورة الفقه أنّه لو أنكر أحد الخصمين اليمين، أو الإقرار، أو قيام البيّنة بعد وقوع ذلك لا يطالَب القاضي في حكمه ببيّنة على البيّنة، أو الحصول على إقرار أو يمين، ولو احتاجت تزكية الشهود إلى شهود لزم التسلسل؛ فمحلّ البحث إمّا هو القضاء بالعلم، لا علمه بما يقضي به، أو أنّه ينبغي أن لا يشمل _ على الأقّل _ العلم الحسّي بوسائل الإثبات في القضاء.

واستقرب المولى علي الكني استبعاد العلم الحاصل بمثل الإلهام والوحي والمكاشفات عن محل البحث، وأن يكون من المسلّم عدم نفوذه في القضاء قبل قيام القائم (عليه السلام)، وذكر (رحمه الله) ما حاصله: أنّ الأقوى المنع عن القضاء بعلم من هذا القبيل؛ لظهور كلماتهم في حجّية العلم في القضاء في العلم المشترك بين المعصومين وغيرهم، خصوصاً على القول بكون علمهم حضورياً أو إرادياً مع وقوع الإرادة


(1) ص: 26.

(2) المائدة: 42.