المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

195

واستيضاح ما أبهم منها، بينما في المذهب القانوني سلبي محض لا يعدو القاضي فيه أن يتلقّى أدلّة الإثبات كما يقدّمها الخصوم دون أيّ تدخّل من جانبه، ثم يقدّر هذه الأدلّة طبقاً للقيم التي حدّدها القانون، فإذا رأى الدليل ناقصاً أو مبهماً فليس له أن يطلب إكماله أو توضيحه، بل يقدّره كما هو.

وفي المذهب المختلط ينبغي أن يكون موقفاً وسطاً بين الإيجابية والسلبية، بل أقرب إلى الإيجابية منه إلى السلبية.

والقوانين اللّاتينية والقانون المصري معها قد اتّخذت الموقف المختلط في الإثبات، وهي مع ذلك لا توسّع على القاضي في حرّيّة توجيهه للدعوى واستخلاص الحقائق من أدلّتها القانونية إلا إلى مدىً محدود...(1).

وهذا المعنى من الحياد كما ترى لا يترتّب عليه عدم حجّية علم القاضي.

وأمّا مبدأ حقّ الخصم في الإثبات:

فقد ذكروا أنّ على الخصم أن يثبت ما يدّعيه أمام القضاء بالطرق التي بيّنها القانون، وهذا ليس واجباً عليه فحسب، بل هو أيضاً حقّ له، وكلّ دليل يتقدّم به الخصم لإثبات دعواه يكون للخصم الآخر الحقّ في نقضه وإثبات ما يدّعيه الخصم، وكلّ دليل يقدَّم في الدعوى يجب أن يعرض على الخصوم جميعاً لمناقشته، ويدلي كلّ برأيه فيه ويفنّده أو يؤيّده، والدليل الذي لا يعرض على الخصوم لا يجوز الأخذ به.

ويترتّب على حقّ الخصوم في مناقشة الأدلّة التي تقدّم في الدعوى أنّه لا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه، ذلك أنّ علم القاضي هنا يكون دليلاً في القضيّة، ولما كان للخصوم حقّ مناقشة هذا الدليل اقتضى الأمر أن ينزل القاضي منزلة الخصوم فيكون


(1) راجع الوسيط، ج2، الفقرة رقم 20 _ 24.