المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

182

للنسيان على أنّ الكتابة إذا خلت ممّا يلحق الشهادة من كذب، أو اضطراب، أو نسيان لا تخلو هي أيضاً من احتمال التزوير. وقد رسم قانون المرافعات اجراءات معيّنة للطعن في الكتابة بالإنكار، أو بالتزوير. (م 253 _ 291 مرافعات).

أمّا الشهادة أو البيّنة فقد كانت من أقوى الأدلّة في الماضي كما قدّمنا، ثم نزلت للأسباب التي بيّناها إلى مكان أدنى، فهي طريق لإثبات ذو قوّة محدودة؛ إذ لا يجوز إثبات التصرّفات القانونيّة بها إلا في حالات استثنائيّة، ولا تثبت بها إلا الوقائع القانونيّة؛ لأنّها أعمال ماديّة، فجاز إثباتها بالبيّنة لموقع الضرورة، وقد حاطها المشرّع بضمانات عدّة، فرسم اجراءات دقيقة لسماع الشهود (م 189 _ 224 مرافعات)، وفرض عقوبة على شهادة الزور، وترك للقاضي التقدير الأعلى في الأخذ بها إذا أقنعته، أو في طرحها إذا هو لم يقتنع...»(2).

وذكر في فصل البيّنة والقرائن ما حاصله:

أنّ البيّنة والقرائن لهما القوّة المطلقة في الوقائع القانونيّة الماديّة، وفي التصرّفات القانونيّة التجاريّة إلا ما استثني. ولهما القوّة المحدودة في ميدان التصرّفات القانونيّة المدنيّة، فلا يجوز أن تثبت بهما التصرّفات المدنيّة التي تزيد قيمتها على عشرة جنيهات، أو تكون غير محدّدة القيمة، بل وتلك التي لا تزيد قيمتها على هذا المقدار إذا كانت مكتوبةً، ويراد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها. ومحدوديّة قوّتهما في ميدان التصرّفات القانونيّة المدنيّة أيضاً لها استثناءاتها، والسبب في الفرق بين التصرّفات القانونيّة المدنيّة من ناحية والوقائع المادية أو التصرّفات التجارية هو أنّ التصرف القانوني إرادة تتّجه إلى إحداث أثر قانوني لها مظهر خارجي هو التعبير،


(1) الوسيط، ج 2، ص90 _ 91، الفقرة رقم 58.