المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

174

الأول _ أنّ حجّية القرعة إنّما هي حجّية قضائيّة، وتقع القرعة من قبل القاضي؛ إذاً لا تشمل أصل تعيين القاضي، ولا دليل على الحجّية الذاتية _ أي بقطع النظر عن القضاء _ للقرعة.

ولكن لولا الإشكال الثاني لتمّ عندئذٍ لدينا دليل على الحجّية الذاتيّة في المقام؛ لأنّ عموم الموضوع في قوله: «كلّ مجهول ففيه القرعة»(1)قد شمل مورد الكلام في حين أنّه في هذا المورد لا تتصوّر حجّية قضائيّة، فتثبت الحجّية الذاتيّة في خصوص هذا المورد.

الثاني _ أنّ حجّية القرعة إنّما هي لكلّ أمر مجهول لدينا متعيّن في الواقع؛ بينما في هذا المورد لا تعيّن في الواقع.

ولا يبعد القول بأنّ أيّاً منهما بادر إلی القضاء فقضاؤه نافذ بإطلاق دليل النصب، ولا يبقى مجال لحكم الآخر، ولو تعاصرا في الحكم دخل في مورد الروايات التي وردت في تعارض الحكمين، وحكمت بالترجيح لا بالقرعة.

أمّا لو لم نقبل بهذا البيان، إذاً فلو أرادا حقّاً حلّ المشكل عن طريق القضاء فعليهما أن يتوافقا على قاضٍ واحد، ولو عن طريق القرعة التي هي مشروعة بالتراضي والتشارط في المباحات ولو مع عدم تعيّن في الواقع _ على ما سوف يأتي إن شاء اللّه في محلّه _ بل التراضي بالقرعة يحلّ المشكل قهراً بلا حاجة إلى دليل لو بقي الرضا مستمرّاً بعد القرعة، وكذلك لو أراد أحدهما حلّ المشكل فعليه أن يرضى بقاضي الآخر. أمّا لو بقيا متشاكسين في تعيين القاضي فهذا حاله حال أن يتركا رفع المخاصمة إلى القاضي رأساً، والعيب فيهما وليس في قوانين القضاء.


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص189، الباب 13 من كيفيّة الحكم ، ح 11.