المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

173

الفقيه بناءً على ولاية الفقيه، وهنا يجب أن نرجع إلى ما يفهم عرفاً من دليل النصب، فالمفهوم عرفاً من دليل النصب أمران:

الأول _ أنّ الخصمين إذا ترافعا لديه كان له حقّ التحقيق وفصل النزاع.

والثاني _ أنّ الشاكي منهما الذي يشكو من ظلم يقع عليه لو رفع الأمر إليه كان له حقّ جلب المتّهم والتحقيق، وبالتالي فصل النزاع.

أمّا لو كان كلاهما شاكيين، وشكى كلّ منهما إلى غير الذي شكى إليه الآخر، ولم يرضيا باشتراكهما معاً في فصل الخصومة كي يدخل الأمر تحت الصورة المفروضة في مورد الروايات الماضية، فشمول إطلاق دليل النصب لكلّ منهما بأن يعطيه حقّ المبادرة في القضاء لعلّه غير عرفي ولا نشك فقهيّاً في ثبوت مقتضي نفوذ القضاء في كلّ منهما لولا المعارض، فلا يبقى عدا تعيين أحدهما بالقرعة بناءً على شمول قاعدة القرعة لموارد عدم وجود تعيّن واقعي.

وقد يقال: لئن لم يشمل إطلاق دليل القضاء كلّاً منهما في المقام إذاً هما ليسا منصوبين للقضاء في خصوص المقام، فما معنى تعيين أحدهما بالقرعة؟!

وقد يجاب على ذلك بأنّ معنى حجّية القرعة في ذلك _ بناءً على شمول قاعدة القرعة لموارد عدم وجود تعيّن واقعي كما هو الحال في قصّة يونس (عليه السلام) _ هو أنّه ما دام مقتضي القضاء في كلّ منهما تامّاً، فالقرعة ترفع المانع عمّن وقعت باسمه بتعيين السقوط في الآخر.

هذا، ولكن مقتضى أدلّة القرعة _ وهذا ما سوف نبحثه بالتفصيل عند البحث حول الطريق الخامس من طرق الإثبات في القضاء _ أن ما ذكره السيد الخوئي في المتداعيين اللذين اختار كلّ واحد منهما قاضياً غير ما اختاره الآخر من لزوم الرجوع إلى القرعة لا يخلو من إشكال؛ لوجهين: