المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

171

إطلاق ذلك بعد ضرورة ‏تخصيصه بفرض رفع النزاع من قبل الشاكي إليه يشمل فرض ما إذا لم يكن القاضي مرْضيّاً من قبل الطرف الآخر قلنا: لازم ذلك _ على مبناه القائل بأنّ هذه الآيات دليل على قضاء التحكيم _ دلالة الآيات على أنّه في قاضي التحكيم أيضاً لا يشترط رضا الطرفين، وهذا ما لا يلتزم به. وعلى أيّ حال فقد عرفت عدم تماميّة إطلاق من هذا القبيل في هذه الآيات.

يبقى الكلام فيما فرضه من مسألة التداعي بعد أن نُؤوّل التداعي أيضاً بمعنى ما إذا احتاج كلّ منهما إلى الشكوى ورفع النزاع، حتى ولو كان أحدهما مدّعياً والآخر منكراً، كما لو فرضنا أنّ أحداً ادّعى على الآخر الدين وأنكره الآخر، ولكنّ المدّعي قد ضيّق على المنكر بتكرير المطالبة، وتكثير مخاصمته ليل نهار، فرأى المنكر أنّ علاج المشكل هو رفع الشكوى إلى حاكم يخصم النزاع فيستريح من مضايقات المدّعي، كما أنّ المدّعي أيضاً رأى أنّ طريق إنقاذه لحقّه عبارة عن رفع الشكوى إلى الحاكم، فاختلفا في اختيار القاضي ولا يمكن الجمع بينهما، فما هو طريق تعيين القاضي؟ وهنا يقول السيد الخوئي (رحمه الله): إنّ طريق تعيين القاضي هو القرعة التي جعلت لكلّ أمرٍ مشكل.

وقد يورد على هذا الكلام بإيرادين:

الإيراد الأول، أن يقال: إنّ مقتضی الروايات الماضية: مقبولة عمر بن حنظلة(1)، ورواية داود بن الحصين(2)، ورواية موسى بن أكيل(3)، هو الرجوع عند تعارض الحكمين إلى الترجيح بالأعدليّة والأفقهيّة، لا القرعة.

والجواب: أنّ هذه الروايات إنّما وردت بشأنّ ترجيح أحد الحكمين على الآخر بعد


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص75، الباب 9 من صفات القاضي،ح1.

(2) نفس المصدر، ص80، ح20.

(3) نفس المصدر، ص88، ح45.