المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

166

من قبل الرسول. والمفهوم من الأمر بالردّ إلى من يمثّل الرسول، أو تحكيم من نصب من قبل الرسول هو كونه ممثّلاً له، ومنصوباً من قبله في المرتبة السابقة على الردّ والتحكيم، وهذا يعني أنّ القاضي يجب أن يكون منصوباً في المرتبة السابقة على الردّ إليه وتحكيمه، وهذا معناه عدم نفوذ حكم قاضي التحكيم.

وهذا الدليل _ لو تم ما ذكر من التقريب _ يقدّم على ما مضى من دليل السيرة وبناء العقلاء لو تم في نفسه؛ لأنّ هذا ردع عنه، وعلى أدلّة وجوب الوفاء بالشرط والعقد لو تم الاستدلال بها؛ لأنّ الشرط يصبح بسبب هذا الوجه شرطاً مخالفاً للكتاب، وعلى إطلاقات الروايات والآيات التي مضى الاستدلال بها على قاضي التحكيم لو تمّت وذلك بالتقييد.

الثاني: ما ورد عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «اتّقوا الحكومة، فإنّ الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصي نبي»(1). وللصدوق (رحمه الله) سند تام لهذا الحديث إلى سليمان بن خالد. أمّا سليمان نفسه فيمكن إثبات وثاقته بما عن النجاشي بشأنه من قوله: «كان قارئاً فقيهاً وجهاً»؛ فإنّ كونه وجهاً يلازم حسن الظاهر، وهو أمارة على العدالة. ونقل الكشّي أيضاً عن حمدويه عن أيوب بن نوح توثيقه وهو واقع في أسانيد كامل الزيارات، فإن لم نعتمد على كتاب الكشّي ولا على وقوعه في أسانيد كامل الزيارات كفانا ما عرفته عن النجاشي.

وأمّا دلالة الحديث فبيانها: أنّه يحصر الحكم بالنبي وبمن كان وصيّاً له، وهذا يعني أنّ الحاكم يجب أن يكون نبيّاً أو وصيّاً أو منصوباً من قبل أحدهما، ولهجة كون القضاء للنبي والوصي لا تناسب افتراض إمضاء الحكم في طول تراضي المترافعين


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص7، الباب 3 من صفات القاضي، ح3.