المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

155

طريق التوكيل.

والواقع أنّ التوكيل بمعناه المفهوم عرفاً في أبواب العقود والإيقاعات، والذي لا يرجع في روحه إلى نصب القاضي غير مفهوم في المقام؛ فإنّ التوكيل يتصوّر في القضايا الاعتبارية البحتة التي ينسب العرف فيها المضمون المُنْشأ بالاعتبار إلى الموكّل حقيقةً، فيعتبر مالك العين مثلاً بائعاً حقيقةً حينما يصدر إنشاء البيع من الوكيل، وكذا ينسب الطلاق حقيقة إلى الزوج في نظر العرف رغم صدور صيغة الطلاق من قبل وكيل الزوج، وهكذا.

أمّا باب القضاء فليس حاله من هذا القبيل ولا يعتبر قضاء الوكيل قضاءً للموكّل، وذلك بنكتة توسّط رأي الوكيل في تشخيص الحكم الذي قد لا يكون رأياً للموكّل، ولو من باب عدم إطّلاعه على القضيّة، وحال التوكيل في القضاء يشبه حال التوكيل في التصرفات المادّية كالأكل مثلاً.

نعم، قد يمكن التوكيل في إجراء صيغة الحكم فحسب؛ بأن يفترض أنّ القاضي الفقيه هو الذي ينظر في الأمر ويشخّص الحكم، ثم يرسل وكيله في إجراء صيغة الحكم، لكن يحكم بما ارتاه القاضي.