المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

149

دليل الولاية على أصالة عدم النفوذ. وبتعبير آخر: إنّ لوازم الإطلاق حجّة، ولوازم الأصل ليست بحجّة، فنتعدّى من القسم الأول إلى القسم الثاني دون العكس.

إلا أنّه يمكن أن يناقش في ذلك بوجهين:

الأول _ أنّ ولاية الفقيه في بعض الأمور ولاية كاشفة، كحكم الفقيه بالهلال، ولا تنفذ على من علم بالخطأ، وفي بعض الأمور ولاية بمعنى حقّ التصرّف في الحكم الواقعي الأوّلي، كما لو حكم بوجوب إعطاء مبلغ من المال للدّولة، أو بتحديد الأسعار، وما شابه ذلك، وفي هذا القسم لا يتصوّر الخطأ. وولاية القضاء في الحقيقة هي من القسم الأول، أي: إنّ القضاء بالارتكاز له كاشفيّة، وتكون حجّيّته بمعنى كشفه عن أنّ الحقّ كان مع المحكوم له، ولذا لا يجوز لمن علم الخطأ أن يماشي هذا الحكم في مورد يؤدّي به إلى الحرام، فالمحكوم له مثلاً لو علم أنّ الحقّ مع صاحبه، وأنّه كان مُزوّراً يجب عليه تسليم الحقّ إلى ذي الحقّ.

نعم، لا يجوز للمحكوم عليه _ رغم علمه بأنّه على حقّ _ أن يطالب بحقّه، بل يجب عليه التسليم، وذلك بنكتة لزوم كون القضاء فاصلاً للخصومة على ما سيأتي إن شاء اللّه في محلّه شرح ذلك، إلا أنّ هذا التسليم إنّما هو في طول أصل حجّية القضاء بما له من كشف لمن لا يعلم بخطئه، رغم أنّ الكشف غير ثابت بالنسبة لهذا الشخص.

وعليه فنقول فيما نحن فيه: إنّه ماذا يقصد بنفوذ قضاء هذا القاضي الذي نصبه الفقيه وهو غير واجد لبعض الشروط المتقدّمة؟

فإن قصد بذلك وجوب التسليم له من قبل المحكوم عليه مثلاً ولو علم بأنّه على حقّ، وذلك خصماً للنزاع؛ ورد عليه: أنّ هذا إنّما يكون في باب القضاء في طول حجّية القضاء وكاشفيته. وإن قصد بذلك إعطاء الكاشفية والحجّية بالمعنى الثابت