المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

148

فلا يقال: إنّ كلّ حرام سوف ترتفع حرمته بالولاية؛ لأنّها ولاية في إطار الحفاظ على واجبات ومحرّمات الإسلام، بل الحرمات الراجعة إلى احترام النفس أو المال تكون محكومة لهذه الولاية، فمن حقّ المعصوم أن يتملّك مثلاً مال شخص من دون رضاه، وقد ثبت بدليل ولاية الفقيه أنّ ما للإمام المعصوم للفقيه بقيد ملاحظة مصالح وشؤون الأُمّة المولّى عليها. إذاً فالحرمات المنتهية إلى سلطة الإنسان على نفسه أو ماله لا تقف مقابل إطلاق ولاية الفقيه. وعدم نفوذ قضاء من لم يكن جامعاً لشرائط القضاء على النفس والمال مرجعه في الحقيقة إلى أنّ هذا القضاء إن لم يكن _ في الواقع وفي علم اللّه _ قضاءً بحقّ فهو سوف لن يغيّر من الحقّ شيئاً؛ لأنّ تغييره له نفوذ في محلّ سلطة الآخرين؛ إلا أنّ مقتضى إطلاق ولاية الإمام وبالتالي ولاية الفقيه أنّ هذا الذي عيّن من قبل الإمام أو الفقيه أيّاً كان ينفذ قضاؤه؛ بمعنى أنّه حتى لو كان في الواقع مخالفاً للحقّ فهو نافذ ومضيّقٌ لسلطة الآخرين على نفوسهم أو أموالهم، خرج بالتخصيص كلّ مورد ثبت شرط من قبل الشريعة الإسلاميّة في نفوذ القضاء، وكان هذا الشخص غير واجد لذاك الشرط، أمّا كلّ مورد كان دليل الشرط فيه مجملاً، أو كان ظاهراً في كونه قيداً في نصب الإمام ولم نعرف هل هو شرط في نفس الوقت للقضاء من قبل الشريعة الإسلامية أو لا، فنرجع فيه إلى إطلاق دليل الولاية.

نعم، في بعض موارد القضاء يكون المورد من الحرمات التي لا ترجع إلى سلطة الإنسان على نفسه أو إلى احترام المال، من قبيل موارد الدماء والفروج، ولكنّا نتعدّى إلى هذا القسم بعدم احتمال الفصل فقهيّاً، فمن كان أهلاً لأن ينصب قاضياً فهو أهل له في كلا القسمين، ومن لا يكون أهلاً لذلك فليس أهلاً له في كلا القسمين وبما أنّ الدليل على عدم نفوذ القضاء في القسم الثاني هو أصالة عدم النفوذ، ودليل النفوذ في القسم الأول هو إطلاق دليل الولاية، فبعد فرض عدم الفصل نحكّم إطلاق