المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

147

يقال: إنّه في هذا الفرض لا يمكن التمسّك بإطلاق دليل ولاية الفقيه لإثبات جواز نصبه لفاقد هذا الشرط للقضاء؛ إذ لو كان واقعاً شرطاً من قبل الشريعة الإسلامية فهو غير داخل في دائرة ولاية الفقيه، فالتمسّك بإطلاق دليلها تمسّك بالعام في الشبهة المصداقية؛ فإنّ دليل الولاية إنّما أثبت للفقيه الولاية فيما هو جائز في ذاته، أو قل: إنّما أثبت للفقيه ما للإمام، ونحن شاكّون في أصل أن يكون للإمام حقّ نصب الفاقد هذا الشرط قاضياً.

ومن هنا قد يسري الإشكال إلى جميع الشروط الماضية، حتى ما كان ظاهر دليله أخذ الإمام (عليه السلام) له كقيد في نصبه كما في الاجتهاد، فإنّ ذاك الدليل لا ينفي _ على أيّ حال _ احتمال كون هذا شرطاً من قبل الشريعة الإسلامية، وإنّما غاية ما دلّ عليه الدليل هو ضيق دائرة نصب الإمام. أمّا سعة دائرة ما يقبل النصب في الشريعة الإسلامية فلم يدل عليها، فلا محالة يقع الشكّ في ذلك، ومعه يكون التمسّك بإطلاق دليل ولاية الفقيه تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقية.

وقد يجاب على ذلك: بأنّ دليل ولاية الفقيه دلّ على أنّ ما للمعصوم للفقيه، فلنرَ ما هو الثابت للمعصوم بحكم قوله تعالى: ﴿اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾؟(1)

لا ينبغي الإشكال في أنّ الحرمات التي ترجع إلى احترام النفس _ أي سلطة الإنسان على نفسه _ لا تقف مقابل ولاية النبي أو الإمام الذي ثبت عند الشيعة أنّه كالنبي؛ لأنّ هذا هو معنى أولويّة النبي بالمؤمنين من أنفسهم، وكذلك الحرمات التي ترجع إلى احترام المال، وذلك بدلالة الأولويّة.

نعم، الحرمات الأُخرى من قبيل حرمة شرب الخمر مثلاً لا ترتفع بولاية المعصوم،


(1) الأحزاب: 6.