المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

146

القاضي المنصوب من قبل الفقيه

والآن يقع الكلام في أنّه هل يجوز للفقيه الجامع للشرائط فى زماننا _ بناءً على الإيمان بولاية الفقيه _ أن ينصب شخصاً غير واجد لبعض تلك الشرائط قاضياً، أم لا؟

قد يقال بالتفصيل بين كل شرط يستظهر من دليله اشتراطه من قبل الشريعة الإسلامية كشرط العدالة، وكلّ شرط غاية ما دلّ الدليل عليه أنّ الولي المعصوم حينما أراد أن ينصب _ بنحو العموم _ فئةً للقضاء لاحظ هذا الشرط، وهذا يعني أنّ نصبه العام مقيّد بحدود تواجد هذا الشرط، ولا يدل على كونه شرطاً من قبل الشريعة الإسلامية، وذلك من قبيل الاجتهاد الذي استظهرنا اشتراطه من قوله: «ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً».

ففي القسم الأول لا يجوز للفقيه نصب من كان فاقداً لذاك الشرط؛ لأنّ هذا خلاف أحكام الشريعة الإسلامية، وولاية الفقيه إنّما هي في دائرة الأحكام الإسلامية لا خارج حدود دائرتها. وفي القسم الثاني يجوز ذلك؛ إذ ليس نصبه قاضياً خارجاً عن حدود دائرة الأحكام الإسلامية؛ إذ لم يثبت اشتراطه من قبل الشريعة الإسلامية في القاضي. وأخذ الإمام المعصوم (عليه السلام) هذا الشرط في دائرة نصبه العامّ لا يحتمّ على الفقيه أخذه في دائرة نصبه الخاصّ، ومن الطبيعي اتّخاذ احتياطات في النصب العامّ الذي لا يختصّ بشخص معيّن ولا بزمان أو مكان معيّنَين ممّا لا يُهتمّ به في النصب الخاص لشخص خاص، ولمقطع زماني ومكاني خاص لدى ملاحظة الولي حالات ذاك الشخص بالخصوص، وظرف ذاك المقطع من الزمان أو المكان.

يبقى أنّنا لو شككنا في موردٍ ما أنّ الشرط الفلاني هل هو شرط من قبل الشريعة الإسلامية في منصب القضاء، أو شرط أخذه الإمام المعصوم في نصبه العام، فقد